إني أرى تحت الرماد وميضُ فلولٍ وانقضاضٌ على الثورة:
(قضايا الثورة والثورة المضادة مادةٌ كنتُ أنشرها طوال أيام الثورة وبعد نجاحها، وهي تمثل رأيي الشخصي بالكامل فقط لا غير؛ ولا تُصرف في أي بنكٍ آخر باسم أي شخصٍ آخر أو مؤسسةٍ أخرى).
إني أرى تحت رماد الفلول وامتداداتهم في الدولة العميقة وميض محاولات انقضاضٍ على الثورة، وأرى كما يرى الكثيرون أنهم قد أعادوا تنظيم أنفسهم بعد فشلهم في 30 يونيو الماضي تمهيداً للانقضاض مرةً أخرى على الثورة والشواهد واضحة وهم يدبرون بليلٍ ونهار تحضيراً لمشهد الانقضاض على الثورة بخلق الشروط المواتية للثورة المضادة، والتي تتمثل في:
1- ما حدث بالأمس بشارع الشهيد مطر ببحري وظلّ يتكرر خلال الفترة الماضية، والمنسوب لجماعات ما يُسمى (النيقرز) -وهي عبارة عنصرية بالمناسبة- فهذه الجماعات تعمل وفق برامج تسيطر عليها أجهزة تابعة للفلول لخلق انفلات أمني ووضع الجماهير أمام خيارٍ مرٍّ وحيد، الأمن أولى من الثورة.
2- التهديد بقطع الطرق والموانئ وخنق الحكومة والثورة، بعد أن عجز التجويع من تركيع الشعب (الجوع ولا الكيزان).
3- الفتن الإثنية والقبلية لامتصاص رحيق الثورة.
4- الفبركات الإعلامية لتوسيع الشُّقة بين الجماهير والحكومة، وعزلها واسقاطها.
5- تخريب المشاريع الاقتصادية المُنتجة مثل الذي يحدث بغرب كردفان وغيرها.
6- مرحباً بالقوات النظامية ولا للفلول:
محاولات إحداث فتنة بين قوى الثورة والقوات النظامية فكرةٌ من أفكارِ الفلول الذين يعتقدون أن القوات النظامية هي جناح مسلح لهم، ونقول أن القوات النظامية هي قوات مسلحة للشعب، والفلول لحظةٌ عابرة أساءت للقوات النظامية وعملت على تدميرها، والشعب حرر نفسه وحرر قواته النظامية في ثورةٍ شعبيةٍ هي ملكٌ لجميع قوى الثورة والتغيير، فمرحباً بالقوات النظامية ولا للفلول والمجدُ للشعب.
أخيراً: سيناريو الأزمة الاقتصادية والانفلات الأمني هي جزء لا يتجزأ من كتاب اجهاض الثورة والمقرر الرسمي لقوى الثورة المضادة على امتداد عالمنا القريب والبعيد، وشعبنا يعي هذا الدرس.
بالأمس التقيت وشاهدتُ بأم عيني آلاف الشباب والشابات اللذين أعادوا محمد طه القدال شاباً من جديد، صافحت بعضهم وأخذت الصور مع بعضهم، يمتلئون عزيمةً وإصرار، وحينما يسألونك عن الثورة فهؤلاء الشباب والشابات هم الثورة، ولا سبيل لتخطي ارادتهم.
الردّ بالجماهير وما حكّ جلدك مثل الجماهير:
دواء الفلول وامتداداتهم في الدولة العميقة هو الجماهير، فجماهير الديسمبريين هي التي صنعت التغيير، وإذا خرج الشعب والحكومة معاً للشارع في مظاهراتٍ سلمية وبالملايين سيخرص صوت الفلول وتتجدد عزيمة الثورة ولا جهوية أو إثنية، سودانية مية المية (والسودانوية) هي التي تجمع ولا تفرق (وما حكّ جلدك مثل الجماهير).
ديسمبرُ آخرُ شهرٍ وثورة:
لا نُريدُ بلاداً أخرى.. ولا نُريدُ مدينةً أخرى.. ولا ثورةً أخرى.. ولا شهداء آخرين.. أو طُغاة جُدد.. نريدُ التشبُّث بالناس وبالشوارع وبالثورة وبأحلامنا.. لن نكون حقلاً للتجارب.. وحصادٌ يباب.. نأخذُ ديسمبر بالنواجذ كآخر الجميلات والشهور والثورات.. جربنا أبريل وأكتوبر.. هو إذاً ديسمبر آخر الشهور والمواعيد والثورات.. لا موعد بعده.. لا طحين ولا حنين.. لا نُريدُ وطناً آخر أو ثورةً أخرى.. وحده ديسمبر فتشبثوا به.. بآخر الثورات.. لا نُريدُ أن نُغني لشهرٍ آخر.. احفظوا أغانينا القديمة لأكتوبر وأبريل.. فنحن على عتبةِ آخر الشهور.. عند أطراف القيامة.
وليكُن موعدنا جنةً عرضها السماوات والوطن.
الخرطوم
4 سبتمبر 2021م