- من امثال اخواتنا المصريين: “اللي بيتو من أزاز ما يحدفش الناس بالطوب” .. مثل شعبي يسوقه العامة لمن فيه من العيوب ما يكفي ولا يسلم من لسانه الكل .. لم تكن مفاجأة ان يتم الاعلان عن مخالفات ارتكبتها لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد تلك البدعة التي ابتدعتها “قحت” لمحاكمة الخلق بلا قانون .. ولا قاضي .. ودون مجلس محاسبة ولا حتى استجواب لدفع التهم .. كل ذلك تم ببساطة باسم كلمة “فساد” تلك العبارة الفضفاضة التي لاحدود ولا معايير لها ..
- نحتاج لتعريف لمعني مصطلح “الفساد” الذي أصبح من مضامين الاستنزاف والكسب السياسي .. فالفساد سلوك بشري موجود في كل زمان ومكان .. والفساد ابواب مشرعة يختار كل فاسد الباب الذي يدخل به الى عوالمه ودهايزه .. يظل الفساد من لوزام الكيد والصراع السياسي .. باسم محاربة وازالة الفساد تخطت لجنته حدود الفساد في كل الحقب السابقة بمراحل اذ شغل اعضاء اللجنة انفسهم بالتشهير دون ابتغاء العدالة .. والقاعدة الذهبية تقول: “المتهم برئ حتى تثبت ادانته” .. ولكن اللجنة بجبروتها اتهمت وحاكمت وادانت ..
- الفساد صفة من صفات البشر … ليس له حدود .. ولا قبيلة .. ولا كيان .. ولا معايير .. الحد الفاصل فيه القانون .. البينة على من ادعى واليمين على من انكر .. اما ان تساق التهم زرافات ووحدانا بالجملة والقطاعي فهذا لا يسمى توصيفا للفساد بقدر مايسمى مكايدات سياسية واغتيال للاشخاص والتنظيم على حد سواء ..
- الفساد منظومة غير اخلاقية مرتبطة بكل مناحي الحياة لايستثنى منها احد .. الفساد ليس الرشوة او العمولة او الاختلاس .. فينا جميعا دون فرز خصلة من فساد .. الحاكم الذي لايراعي حياة ومعيشة الناس فهو فاسد .. الاحتكار السياسي للسطة فساد .. التروس وتعطيل حياة الناس وتكسير وتخريب المرافق العامة وخلع “الانترلوك” فساد .. ظلم الناس وتشريدهم لمجرد انتماء او فكر فساد .. احتكار الشركات واردا وصادرا فساد .. اخذ ومصادرة اموال الناس دون حكم قضائي فساد .. عدم اكمال المنظومة العدلية والتشريعية من اجل تصفية الحسابات فساد .. افشاء روح الكراهية في المجتمع فساد .. رمي النفايات في حواف الطرق وجزر الاسفلت فساد .. دلق المياه على شارع الاسفلت فساد ..
- الفساد مصطلح فضفاض يحتاج الى مزيد من الضبط المفاهيمي حتى لا يكون شماعة للاغتيال المعنوي والشخصي والكيدي ضد الفرد والجماعة والفئات .. وتوجيه التهم دون دليل او اثبات يعد فساد واكبر فساد .. لو بحث اي انسان في نفسه سيجد كميات من الفساد .. في اكله، ملبسه، افعاله، تصرفاته، شحمه ولحمه دون ان يشعر .. ولكنه ينصب نفسه مؤسسا للمدينة الفاضلة وهو في حد ذاته بؤرة من الفساد .. الفساد الاخلاقي والسلوكي من افظع اشكال الفساد .. “عشان كدة ماف زول” يتجرأ على الاخرين بفرية الفساد دون سند معضد بالادلة والبراهين وصدور الاحكام القضائية القاطعة .. لان وصف فرد او جماعة بالفساد بالتعميم ودون براهين في حد ذاته فساد اخلاقي .. نحتاج لتعريف لمعنى الفساد ..
- كل اشكاليات محاربة الفساد في المنهج والطريقة والوسيلة تكشف وتعلن عن الفساد وتحقق العدالة للجميع .. اذن كل الناس متفقون على المبدأ وهو محاربة الفساد .. وكلمنا متفقون على مبدأ “الحساب ولد” .. فكل من اخطأ او نهب او سرق او فسد له العقاب الرادع .. ولكن اين مكمن المشكلة: هو منهج اثبات الفساد لانه امر مرتبط بالسمعة واشهاره في وجه الناس دون محاكمة وادلة واثبات هو في حد ذاته فساد .. ومن هنا فان منهج لجنة ازلة التمكين ومحاربة الفساد كان من اكبر الاخطاء .. وطريقتها في ارسال التهم والتشهير بخصومها السياسيين جانبه عدم التوفيق .. اللجنة لم تكن مؤسسة تبتقي العدالة بقدر ماهي كانت اشخاص يمثلون انفسهم وتياراتهم السياسية والفكرية ويغلب عليهم الطابع الشخصي وتبين على وجوههم من خلال لغة الجسد ملامح التشفي والانتقام وبذلك كانت اللجنة السبب الاول في الاحتقان السياسي في كل البلد بسبب اخطاء تطبيق العدالة الانتقالية عبر لجنة تنتفي فيها معايير النزاهة الاخلاقية والسياسية حتى وقعت في فخ الفساد وهي المناط بها ازالة الفساد ..