همس الحروف
عندما نسمع بعبارة الإتجار بالبشر فإن للأنفس السوية ردة فعل قوية تقشعر لها الأبدان و تضطرب لها القلوب السوية تفاعلاً من هول لفظ هذه العبارة التي تصنع من البشر سلعة رخيصة في سوق النخاسة ، تباع و تشترى كما السلع تماماً ، و أيضاً تقترن هذه العبارة في كتير من الأحيان مع عبارة تهريب المهاجرين ، فهما عبارتان مرعبتان و يعدان من أخطر أنواع الجرائم التي يتحكم في سوقها أقذر أنواع السماسرة الذين يضعون مصالحهم الرخيصة فوق مصلحة سلامة البشرية جمعاء ، فهاتان العبارتان تؤثران تأثيراً سلبياً و بالغاً على مفهوم الحقوق الإنسانية ، و ذلك ليس لدى الفئة المستضعفة و المعينة بهذا الأمر فقط ، التي يقع عليها هذا الفعل الناجم من هاتين العبارتين ، بل تأثير هذا الأمر يمتد إلى كل الناس دون فرز ، و هذا الامر يشكل هاجساً للعقل الجمعي العالمي ، فهما رأسا الجرائم ، و رغم من إنفصالهما في التعريف ، إلا أنهما يظهران في أغلب الأحيان ممقترنتين مع بعضهما البعض ، إلا أن الإتجار بالبشر يندرج تحت مفهوم كل الأفعال التي يتم فيها إستغلال البشر نتيجة ضعفهم حيث يرتبط ذلك بالعمالة التي تستغل قسرياً تحت التهديد أو بغرض الإستغلال الجنسي أو الحمل الذي يكون لأهداف تجارية يتربح منها صاحب العمل الذي يديره ، فسر إرتباط هذه العبارة مع تهريب المهاجرين هو في التشابه في نوعية الوسطاء الذين تجمعهم القذارة في أداء مثل هذه الجرائم السوداء ، فهؤلاء السماسرة يعملون في براثن هذه النوع من الأعمال مستغلين في ذلك ضعف هذه الشريحة التي تقع تحت أيديهم كضحايا بحيث يكونوا تحت تصرفهم في أفعال غير شرعية يتم بها إستعبادهم كما ذكرت ذلك في التعريف الأول أو تقودهم إلى الهلاك كما يحدث ذلك للمهاحرين في عرض المحيطات ، و لا يهم هؤلاء السماسرة غير مصالحهم الدنيئة حتى وان ساقت أفعالهم تلك إلى موت كل من يقع تحت رحمتهم .
و لخطورة هاتين الجريمتين فقد سنت الأمم المتحدة في العام 2000 أحكام و بنود صارمة أجبرت بها جميع الدول الأعضاء على مكافحة هذه النوعية من الجرائم العابرة للحدود ، حيث جرمت تهريب المهاجرين و الاتجار بالبشر ، و بما ان السودان بموقعه الجغرافي يشكل حلقة وصل بين شرق و وسط افريقيا وشمالها لذلك يعتبر من ضمن الدول التي تنشط فيها وعبر حدودها الممتدة الجريمتين معاً ، فمن هذا المنطلق الأخلاقي بذل السودان جهوداً جبارة ، و قد نجح نجاحاً منقطع النظير ، حيث شكلت قوات الدعم السريع حائط السد المنيع في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ، الأمر الذي أبرز أهمية هذه القوات في هذا الشأن مما دفع الاتحاد الإفريقي لاختيار الخرطوم مقراً لمركز العمليات القاري لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر .
قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو إستطاعت أن تعطي قراءات تستوجب الوقوف عندها و تستحق الإشادة بها في مكافحة الهجرة غير الشرعية حيث تمكنت من إنقاذ أكثر من 2000 شخص من رعايا الدول الأفريقية على الحدود السودانية الليبية كانوا من ضمن ضحايا الإتجار بالبشر و علاوة على ذلك إستظاعت أن توقف أكثر من 3000 مهاجر غير شرعي مما جعلها أن تنال ثقة العالم أجمع في الحد من هذه الظاهرة التي أقلقت المجتمع الدولي .
لقد إستطاعت هذه القوات أن تضع بصمتها بكل فخر في هذا الملف الشائك الذي أجبر المجتمع الدولي أن يستجيب لهذا العمل الجبار الذي قامت به بإحترافية عالية في هذا المجال ، الشيء الذي أجبر الولايات المتحدة الأمريكية عبر خارجيتها ان تعترف بهذا الإنجاز لتعلن للعالم أجمع أن السودان قد إرتقى الى مستوى افضل من الأول عبر الجهود التي بذلها في محاربة الاتجار بالبشر ، حيث يعد هذا الأمر من الإشراقات التي حركت مؤشر تصنيف السودان في بند الاتجار بالبشر من المستوى الثالث الى المستوى الثاني ، مما يعني ذلك تحسناً جيداً قد طرأ في هذا الشأن يواكب التقدم في ملف العلاقات الخارجية ، و الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الامريكية كذلك قامت بحذف اسم السودان من قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال ، فمثل هذه التقارير الأمريكية تأكد جدية السودان في التحول و أبراز الدور الجبار الذي قامت به قوات الدعم السريع في هذا الشأن ، فإذا إختلفت الشارع أو إتفق حول هذه القوات ، فكان من الواجب أن يعترف الجميع بهذا العمل الجبار الذي أدته بكل مهنية ، و أن يرفعوا لها صوت الشكر مقابل هذا الإنجاز الذي تقدم به السودان خطوة الى الامام في هكذ ملف شديد الحساسية .