(نحن كده ميتين ميتين.. كان ما متنا بالكورونا حنموت بالجوع) بهذه العبارة الصادمة استقبل محدودو الدخل وأصحاب المهن الهامشية قرار مد الحظر الصحي وإغلاق الكباري بين المدن الثلاث واستمرار منع التنقل بين الولايات حتى الثامن عشر من الشهر الجاري الذي أصدرته لجنة الطوارئ الصحية مساء أمس الأول بعد أن صادق عليه مجلس الأمن والدفاع، فبدا القرار صادما على الرغم من الدفوعات التي ساقتها اللجنة لمد الفترة لأسبوعين آخرين إلا أن هنالك ظروفا معيشية بالغة التعقيد تحيط بشريحة كبيرة من المواطنين الذين تعطلت أرزاقهم خلال فترة الحظر وتسببت لهم في خسائر فادحة.في الاجتماع الذي عقدته لجنة الطوارئ الصحية يوم الأحد الماضي جاء في بنوده أن ممثل اتحاد أصحاب العمل مارس ضغوطا بشأن مقترح الحظر الجزئي الذي لم يجد قبولا لدى كثيرين بحسب ما نقلته صحيفة (الصيحة)، وعلى الرغم من أن القرار الذي صدر مساء الاثنين جاء في حيثياته زيادة ساعات السماح لساعتين إضافيتين إلا أن هذا البند بدا في نظر الكثيرين لا معنى له في ظل استمرار بنود الحظر الأخرى لاسيما إغلاق الكباري أمام المواطنين ومنع حركة المواصلات داخل العاصمة وإغلاق الأسواق الكبيرة بما يؤثر على قطاع كبير من التجار الذين ظلوا لأكثر من شهرين لا يمارسون أعمالهم التجارية تحت وطأة ظروف معيشية ضاغطة تؤثر على حياتهم اليومية.إتحاد غرفة الصناعات الصغيرة والحرفية أعلن قبل يومين عن أوضاع معيشية واجتماعية بالغة التعقيد تعيشها عضويته إثر استمرار حالة الإغلاق الكامل للبلاد. وطالب الاتحاد في بيان تحصلت (اليوم التالي) على نسخه منه بإلغاء حالة الإغلاق الكامل وفتح الحياة العملية لقطاعات الصناعات بأسرع ما يمكن مع وضع كل الضوابط الصحية التي تكفل الحد من انتشار الجائحة. وأكد أن عضويته والتي تقدر بمليوني مواطن تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية بالغة التعقيد يصعب معها احتمال حالة الإغلاق الكامل. وأوضح أن عضوية الاتحاد من الشرائح التي تعتمد اعتمادا كليا على دخلها اليومي وأن طبيعة أعمالهم لا تحقق فائض ادخار. لافتا في الوقت ذاته إلى تفهم الاتحاد للدواعي الصحية التي أدت إلى إغلاق البلاد بشكل كامل بسبب تفشي جائحة الكورونا وأكد إلزام عضوية الاتحاد بارتداء الكمامات طوال اليوم واستخدام المعقمات والتباعد اللازم وأعلن الاتحاد التزامه بالعمل على توعية وتوفير الكمامات والمعقمات لجميع عضويته في المناطق الصناعية والمحلات الحرفية والمصانع الصغيرة في المنازل. وحمل الاتحاد نفسه مسؤولية وضع معالجات لعضويته تجعلها تتحمل تبعيات الإغلاق الكامل إلا أنه أكد أن تطاول الإغلاق أثر تأثيرا مباشرا على الوضع المعيشي.على ذات النهج عبر عدد من التجار عن استيائهم من استمرار فرض الحظر والإغلاق الكامل للعاصمة وسط الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها المواطنون والتي انعكست سلبا على حالة ارتفاع أسعار السلع بصورة مستمرة فضلا عن ارتفاع مؤشرات معدلات التضخم وهبوط قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية.شعبة مستوردي السراميك والأدوات الصحية أكدت على التأثير الكبير الذي طال القطاع بسبب الحظر الصحي المفروض على البلاد وأشارت إلى أن تجار الشعبة الذين التزموا بالحظر في انتظارهم التزامات مالية داخلية وخارجية كبيرة بالإضافة إلى التزامات أجور الموظفين والمتعاملين مع القطاع وإيجارات المحلات التجارية بالإضافة إلى التأثير السلبي الذي طال شرائح تتعامل مع القطاع من مهندسين ومقاولين وعتالين كانوا يسترزقون من قطاع مواد البناء والأدوات الصحية والسيراميك وأشاروا إلى أن العمل بالقطاع عبارة عن حلقة متصلة كل حلقة تصل إلى حلقة أخرى بما يساهم في توسع دائرة التأثير السلبي.وطالبت شعبة السراميك والأدوات الصحية باتحاد الغرف التجارية بنك السودان بمد فترة السماح لعملاء المصارف الذين لديهم التزامات بنكية أسوة بتجارب الدول الأخرى وشدد رئيس اللجنة التسييرية للشعبة، بكري اليأس على أهمية مد فترة السماح نظرا لتوقف العمل بالاسواق التجارية خلال الفترة الماضية على خلفية الحظر الصحي المفروض بالبلاد وحذر اليأس لـ(اليوم التالي) من انهيار قطاع مواد البناء والأدوات الصحية والسيراميك عقب انتهاء فترة الحظر الصحي بسبب كثرة الالتزامات المالية الملقاة على عاتق القطاع من التجار. وأشار إلى وجود التزامات خارجية وداخلية كبيرة بشقيها المؤسسي والشخصي بالإضافة إلى التزامات الإيجارات والرواتب للموظفين. وأكد أن القطاع من أكثر القطاعات المتضررة من تمديد فترة الحظر من بين القطاعات التجارية الأخرى. وكشف عن وجود مخاطبات للغرفة التجارية واتحاد اصحاب العمل بالسعي لحل إشكالية مد فترة السماح في المصارف تجنبا لأي أضرار يمكن أن يتحملها التجار. وشكا من بطء الإجراءات في الموانئ التي تحمل التجار مبالغ إضافية للأرضيات وسط تشديد إدارة الموانئ بالسداد دون مراعاة للأوضاع العامة. وناشد الياس الشركات والموردين ورجال مراعاة بعضهم البعض في الالتزامات المترتبة بينهم وإعطاءهم فترات إضافية لسداد ما عليهم من الالتزامات قائلا: (الناس تتشايل مع بعض) –على حد تعبيره.المحلل الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي قال إن المهلة التي وضعتها السلطات السودانية للحظر قد انتهت ولكن الوضع لم ينته ولم تحدث أي ثأثير إيجابي بحيث لا يوجد انخفاض في الأرقام للمصابين فالأرقام في تزايد مستمر مما يهدد سلامة المواطنين. لذا كان لابد من التجديد.وأشار إلى وجود دول في العالم شرعت في مراجعة الإجراءات الاحترازية للتعامل مع فيروس كورونابما يتطلب من الحكومة السودانية انتهاز الفرصة (تجديد الحظر) لاتخاذ إجراءات تساهم في عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي، لافتا إلى أن القرارات السابقة لم تحقق الغرض الكامل منها في ظل مرحلة صعبة من الركود العالمي والكساد بما يتطلب دعما للقطاعات المتضررة مثل القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية لتسهم في توفير متطلبات السوق المحلية والاحتفاظ بالعمال واستمرار نشاطها وأداء دورها بفعالية لتقديم للمواطن مثل تأجيل سداد الضرائب وغيرها من الرسوم المالية والتأمينات أو تقسيطها بالإضافة إلى عدم إيقاف العمل في حركة المصانع بشرط تنظيم الورديات وتنظيم نقل العمالة أو توفير إقامة لهم في المصانع وأقترح فتحي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن تعمل السلطات على تنظيم الحظر بمعنى أن لا يكون هنالك حظر تجوال بمعني حظر تجوال فالصناعة والمستلزماتالحياتية والمعيشية للمواطنين يجب أن تستمر ويجب ألا يتم التسبب في إعاقة حركة الإنتاج والتجارة والصناعة، حظر التجوال المطبق في كثير من دول العالم يهدف إلى الحد من حركة المواطنين غير الضروريةوليس إيقاف عجلة نمو الدولة واقتصادها. وشدد فتحي على ضرورة الإسراع في فتح أسواق جديدة أمام المنتجات السودانية عموما والزراعية بالأخص والتوجه نحو سياسة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية مثل القمح والقطن والقصب تحسبا لأية كوارث، وقال: “في تقديري يمكن للصادرات الزراعية (الخضروات والفاكهة) السودانية أن تصبح أحد أهم مصادر الدخل القومى من النقد الأجنبى خاصة فى هذه الفترة التى تأثرت فيها دول الاستهلاك بأزمة كورونا”.