تترقب الأوساط المحلية والإقليمية والدولية ميلاد قوى سياسية في السودان حليفة للنظام المعزول وحركات مسلحة ومنشقين عن الحرية والتغيير للإعلان عن ائتلاف سياسي جديد يتولى تشكيل حكومة انتقالية للخروج من حالة إنسداد الأفق بعد انسحاب الجيش من العملية السياسية.
وكشفت مصادرإقليمية ان القوى السياسية انخرطت في اجتماعات مارثونية مع قيادات الأحزاب ( البعثين والجمهوريين ، الوطني الاتحادي ، والحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني وحزب الأمة ومبادرة أهل السودان والمؤتمر السوداني ، والحراك الوطني والاتحادي الأصل ….الخ ) لصياغة ترتيبات دستورية تحكم الفترة الانتقالية واستكمال الفترة الانتقالية
في هذة الأثناء فجر قيادي اسلامي قنبلة من العيار الثقيل بقوله” الاسلاميون موجودون داخل قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي ، وداخل مبادرة أهل السودان ، وداخل الحرية والتغيير – مجموعة التوافق الوطني”، ولان من مصلحة الإسلاميين التواجد في كل الكتل السياسية والمبادرات ، ولم يكتف القيادي الإسلامي بالكلام المباح، بل اجزم ان كلمة السر للوفاق الوطني وإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية الحالية في السودان بيد التيار الإسلامي .
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل سيعود المؤتمر الوطني بواجهة جديدة في مقبل الأيام القادمة ؟ وهل السلوك الشمولي لقوى الحرية والتغيير بعدم قبول الآخر وممارسة الإقصاء ورفع شعار لا تفاوض ولا مساومة ولا شراكة هو نفس سلوك المؤتمر الوطني؟
ويؤكد المراقبون للمشهد السوداني ان بعض قيادات تجمع المهنيين السودانيين أتهموا عناصر داخل قوى الحرية والتغيير بانهم غير مؤمنين بالثورة ولا الانتقال السلمي ولديهم علاقات مع مدير جهاز الأمن السابق صلاح عبدالله قوش ، فيما ذهب البعض الآخر إلى ان قوى الحرية والتغيير اعتمدت بالكامل على الإرادة الشعبية في التغيير ولم يكن لها أي صله مع أي طرف من أطراف النظام السابق.
في هذه الأجواء برزت تأكيدات على وجود علاقة تنسيق مع قيادات الحرية والتغيير بالرغم من ان صلاح قوش ابن الحركة الاسلامية، وهذا لا ينفي ان صلاح قوش تربطه علاقة عائلية ببعض قيادات حزبية من مكون الحرية والتغيير- المجلس المركزي مثلما له علاقات تجارية مع آخرين .
هذا الواقع السياسي المشكل في الساحة السودانية لا ينكره الا مكابراً فقد كشف رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان في وقت سابق ان مدير جهاز الأمن الاسبق صلاح قوش كان له دور فعال في ترتيبات إزاحة الرئيس المعزول عمر البشير والمشاركة في المذكرة التي رفعت إليه من القيادات العسكرية والأمنية بجانب اتصالاته مع قوى الحرية والتغيير قبل عزل البشير
لكن مصادر اقليمية أكدت ان الحركة الإسلامية تحاشت تكرار تجربتي مصر وتونس في السودان لتجنيب فزاعة سقوط الحركة الاسلامة مع إسقاط نظام البشير بثورة ديسمبر بتحريك الشباب والشابات، بتسريب معلومات لما يحاك في الغرف المغلقة، وبإتفاق مع قوى الحرية والتغيير في شهر يناير إلى تشكيل حكومة انتقالية قومية من كفاءات وطنية يتوافق جميع أطياف الشعب السوداني وترك الإعلان الباب مفتوحاً أمام اتفاق المؤسسة العسكرية مع المدنيين وعدم خوض أي معركة حتي إقامة حكم مدني ولم يشدد الاتفاق على مدنية الحكومة الانتقالية بل افسح المجال أمام العسكر للمشاركة في الحكومة المنتظرة .
ويرى الخبراء ان جوهر الخلاف بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي جاء بعد ان ازاحت القوات المسلحة رئيس الدولة عمر البشير تراجعت قوى الحرية والتغيير عن الاتفاق، واصرت على احلال الحكم المدني محل الحكم العسكري، عند هذه النقطة حاولت المؤسسة العسكرية الطلاق البائن وظهرت بوادر تمرد داخل المؤسسة العسكرية الأمرالذي دفع القيادة العسكرية إلى التراجع وقبول المساومة بالإعلان السياسي والوثيقة الدستورية لان المساومة كانت تعبيراً عن ميزان القوى في تلك اللحظة
يعتقد الخبراء ان المساومة التي تمت بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير وقتئذ تحت الضغط الشعبي والعواصم الغربية هي التي تمارس الآن على المكون المدني بعد انسحاب الجيش من العملية السياسية بإعادة احياء مساومة 2019 حيث ابقت المساومة الجديدة على كل ما قام به العسكر باستثناء تنحية رئيس الحكومة بالذات في الاتفاق السياسي الذي وقعه البرهان وحمدوك لم ينص على إعادة تفعيل المجلس السيادي السابق ولا على تأهيل الحكومة السابق
فيما أجمع الخبراء ان أوارق اللعبة السياسية في السودان اختلفت الآن وان الشارع يراقب المشهد عن كثب وان الرهان على مواصلة التعئبة الشعبية والعصيان المدني وشق صفوف القوات المسلحة بعد انسحاب الجيش من العملية السياسية اصبحت ادوات بالية ومن يتهم الجهاز السري للحركة الاسلامية السودانية بانه مارس العنف ضد الحراك الثوري السوداني في محاولة لتطويقه أكدت قيادات الحركة ان الاسلامين موجودين في داخل قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي وداخل كل المبادرات بما فيها مبادرة أهل السودان برئاسة الشيخ الطيب الجد وان كلمة السر للوفاق الوطني بيد التيار الاسلامي وان المؤتمر الشعبي سيكون سبباً رئيساً في ترتيب المشهد السياسي السوداني فهل ستكون قوى الحرية والتغيير إنبوبة الأكسجين لعودة المؤتمر الوطني إلى السلطة من جديد؟