تتواصل اجتماعات بين «قوى إعلان الحرية والتغيير» – التحالف الذي يقود الحكومة الانتقالية في السودان – وحزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، وهو أحد أكبر أحزاب البلاد، لكسر الجمود الذي نجم عن إعلان الحزب تجميد عضويته في التحالف، واشتراطه إنفاذ ما أطلق عليه «العقد الاجتماعي الجديد» وإعادة هيكلة التحالف الحاكم. وكان المهدي قد دعا أيضاً إلى ما أسماه «العدالة الترميمية» لمواجهة الأوضاع في البلاد، في مقابل ما ينادي به الثوار وتحالف الحرية والتغيير، الذين يعتبرون الإسلاميين «كتلة واحدة» بمن فيهم الذين انشقوا عن حزب المؤتمر الوطني الإسلامي قبل سقوطه بقليل. بيد أن دعوة المهدي لقيت تأييداً من حركة «العدل والمساواة» المسلحة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة «تحرير السودان» المسلحة أيضاً بقيادة مني أركو مناوي. وكان الحزب قد أعلن في 20 أبريل الماضي تجميد نشاطه في هياكل تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير وفي اللجان المشتركة، ما لم يستجب التحالف في غضون أسبوعين لمطالبه بتكوين المفوضيات، ووضع استراتيجية سلام، وتكوين المجلس التشريعي، وجدولة الانتخابات، وسدّ فجوات الوثيقة الدستورية، وإعادة هيكلة التحالف، وتبني رؤيته فيما أسماه «العقد الاجتماعي الجديد». ورغم مرور شهرين على «تهديد المهدي» بالانسحاب من التحالف، والذي حدده بأسبوعين، فإن اللقاءات بين الطرفين ما تزال متواصلة، في وقت أعلنت فيه قوى مدنية ومسلحة مناوئة لـ«الحرية والتغيير» تأييدها خطوة المهدي، ما يجعل الطريق ممهدةً أمامه للعودة إلى التحالف بشروطه، أو تكوين تحالف جديد مسنوداً بالحركات المسلحة. وقال الحزب، في نشرة صحافية أمس، إنه اتفق مع لجنة الحرية والتغيير المكلفة بالتفاوض معه، على «سرعة الشروع في ترتيبات قيام المؤتمر التأسيسي الموسع، والإعداد الجيد له، ليستجيب لمطالب قوى الحرية والتغيير كافة، وتطلعات قوى الحراك الثوري في قيادة المرحلة الانتقالية». وأقرّ الحزب باستمرار عمل اللجنة المشتركة بينه و«الحرية والتغيير» لمعالجة القضايا المختلف عليها، قائلاً: «التقى عدد من ممثلي التحالف الحاكم بزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي في منزله، بغرض معالجة أزمة تجميد نشاط الحزب في هياكل (قوى الحرية التغيير)»، واستكمال مؤسسات الحكم الانتقالي، ومواجهة تحديات الفترة الانتقالية، ومعالجتها عبر مشروعه «العقد الاجتماعي الجديد». ويتكون تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» من مجموعة تحالفات حزبية ومدنية كثيرة، أبرزها تحالف «قوى الإجماع الوطني» صاحب التوجه اليساري، الذي يجمع الحزب الشيوعي، والتجمع الاتحادي، والبعث، والتجمع المدني، بينما يتشكل تحالف قوى «نداء السودان» ذو الميول التقليدية الوسطية، من حزب الأمة القومي، والمؤتمر السوداني، وأحزاب وحركات مسلحة أخرى. وانتقد حزب الأمة بعنف «قوى الحرية والتغيير»، قائلاً في بيان: «بعض حلفائنا حرصوا على محاصصات أتت بنتائج فاشلة ومستفزة، أوصلت البلاد إلى مشارف هاوية تنذر بتبديد المصير الوطني»، ووصف مواقف قيادة التحالف بالاضطراب والغرق في المحاصصة الحزبية، وبالاختلاف حول الملف الاقتصادي، وعدم التعامل بمنهجية. وبديلاً عن ذلك، اشترط المهدي وحزبه ما أسماه «اصطفافاً جديداً» تشترك فيه القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة لتأسيس ما أسماه «مؤتمر القوى الجيدة»، لإنفاذ مهام عاجلة، تتضمن تكوين المفوضيات التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، ووضع استراتيجية سلام جديد، تتجاوز مفاوضات جوبا، التي وصفها بأنها «لن تؤدي إلى سلام»، فضلاً عن تكوين المجلس التشريعي بصورة متوازنة، وجدولة الانتخابات، والاتفاق على قانونها، وسدّ فجوات الوثيقة الدستورية، بالتوافق على «دستوري انتقالي». وهدّد الحزب بالتخلي عن التحالف بقوله: «إذا استجاب حلفاؤنا لهذا الطلب في ظرف أسبوعين، نلتقي في المؤتمر التأسيسي للاتفاق على الإصلاح الجذري المنشود. أما عدم الاستجابة لهذا المطلب مع احتقان الظروف في البلاد فيوجب علينا العمل من أجل تحقيق التطوير والإصلاح المنشود مع الأطراف الوطنية كافة، من قوى التغيير والحكومة التنفيذية والمجلس السيادي بشقيه المدني والعسكري».