تحتفل بلادنا بالذكرى السابعة والستين للاستقلال في ظروف بالغة التعقيد لا تخطيئها عين المراقب الحصيف حيث أصبح طعم الاستقلال باهتا وظلاميا بعكس السنوات الماضية عندما كانت جميع شرائح السودانيين تمنح هذه الذكرى الحبيبة للنفوس ماتستحق من فرحة وابتهال وكرنفالات صاخبة.. ماذا جري لهذا الوطن العزيز في هذا التوقيت الحالك؟! ولماذا صارت ذكري الانعتاق من الاستعمار الانجليزي مؤشر واضح للاحباط والندامة.
لقد جاء الاستقلال من الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس سلسا ولينا بلاحروب طاحنة وصدامات عنيفة مثل ماقال الزعيم الأزهرى كالصحن الصيني لايوجد فيه شق ولاطق لقد ابتلى الشعب السوداني بعد الاستقلال بالحكم العسكري الذي استولى على مقاليد البلاد حوالي ٥٢ عاماً بينما لم يدم الحكم المدني اكثر من ٨ سنوات ولعمري أنها مأساة وضياع وخزي كانت نتائجها تلك الأوضاع المزرية التي نعيشها الآن علي صعيد المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية حتى ظفر السودان بتوصيف رجل أفريقيا المريض وها نحن الآن نذوق ويلات الفترة الانتقالية التي تسلمت دفة الحكم بعد سقوط البشير حيث توجد معارك طواحين الهواء بين العسكر والمدنيين وتتحول البلاد الى يباب في ظل السيولة الامنية والمجاعات الطاحنة والسياسات الاقتصادية المتوحشة فضلاً عن التشاكس والحروب الطاحنة بين العسكر والمدنيين وانعدام الامل والعشم في بلوغ الديمقراطية الرابعة التي صارت كطيف شاحب يعزف المواويل الحزينة.. إنها لوحة حزينة ومحبطة وماساوية تغرس خنجرا مسموما علي خاصرة السودان المغلوب علي امره.
في خضم هذا الواقع المزري.. هل يعود تفرد السودانيون في مغالبة الصعاب والكوارث ويحققون النصر المؤزر ويتحول هذا الليل الحالك السواد الي الصبح الابلج ومن ثم يتمدد الاستقلال وذكراه العطرة الي عملاق مضئ يلفظ تلك البقع السوداء في جسم الامة السودانية.
الذكرى السابعة والستين للاستقلال مناسبة عظيمة حري بنا أن نتجشم مناخها الآخاذ ونفرد لها جناح الفرحة والبسمة والامل.