التفاعل التاريخي والوجداني في وادي النيل يلعب دوراً متعاظما في تلاحم العلاقة الازلية بين مصر و والسودان فلا يمكن من خلال هذه المعطيات الراسخة أن يغيب الدور المصري في محاولة حلحلة الاوضاع السياسية المزرية في السودان فالتاثير الذي يقع في الخرطوم مهما كان حجمه وأبعاده ينعكس في القاهرة ومن يعتقد أن مصر يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي في الحالة السودانية الماثلة للعيان دون أن تساهم بقدر من المبادرات السياسية والدبلوماسية والحوارات العميقة فهو لايعي عمق التواصل والتلاحم بين البلدين بغض النظر عن طبيعة الطقس السياسي في أي ظرف علي وادي النيل.
من هذا المنطلق يقوم في هذا التوقيت الحساس اللواء عباس كامل مدير المخابرات المصرية والوفد المرافق له بعرض دعوة للتفاهم السوداني السوداني لتجاوز الخلافات الظاهرة في الملف السوداني والعمل علي ازالة العوائق والمطبات التي تحول دون تحريك الاتفاق الاطاري بين العسكر وقوي الحرية والتغيير إلى الإمام!!
تفاكر اللواء كامل علي زر التوافق بينهم حتى لاينكسر الاناء وقطع شوطاً في زحزحة موقف الكتلة الديمقراطية علي صعيد الحركات الدارفورية في محاولة الإقتراب نحو دخولها الاتفاق الاطاري.. وأيضاً عمل كامل علي ضرورة احتواء التقاطعات في ساحة الاتحادي الاصل بين الشقيقين جعفر الصادق ومحمد الحسن حتى يتسنى مشاركة الحزب في العملية السياسية المرتقبة غير أن الحوار المصري مع قوي الحرية والتغيير لم يحالفه الحماس المطلوب وبذات القدر أن قوى الحرية لم ترفض التحركات المصرية وأبعادها.
في ذات الاطار نقل مدير المخابرات المصرية رسالة شفهية للفريق أول البرهان من نظيره المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن الواضح أن العلاقة الرسمية بين القاهرة والخرطوم تشكل دعامة أساسية في بلوغ الحوارالمصري الي مراتب رفيعة.
القلق المصري ازاء حالة الاستقطاب الحاد في السودان وجد مبررات واقعية من قطاعات سودانية واسعة استناداً علي خصوصية العلاقة ونكهة المساهمة المصرية في الحل الذي يتفوق علي تدخل أي دول أخرى في الوضع السوداني.
ومن يمن الطالع أن مصر تؤيد الاتفاق الاطاري وتدعمه ولاتطرح تصورا سياسياً جديداً للحل بل تري أن هذا الاتفاق لابد أن يتم دعمه وتطويره وفتح الابواب لدخول أجسام سياسية في ساحته حتي تتشكل مرحلة جديدة من الاستقرار في السودان.
مصر تدرك خطورة الهزات الامنيةوالخلافية في الساحة السودانية ومايواجه المجتمع في جنوب الوادي من تدخلات أجنبية غير مسبوقة تحمل طبخة سيئة تحاول ابتلاع المصالح والمكتسبات الوطنية في السودان.
السيناريو المعد للمشهد السوداني مخيف بكل المقاييس لايحتمل التساهل والانقسامات بين احزابه وقواه السياسية لذلك كانت المبادرة المصرية خطوة جبارة من شقيق لاينتظر وقوع الطوفان المدمر الذي يقضي علي الاخضر واليابس.