تأخذنا الحياة بكل صخبها وضحيجها إلى عوالم التكنولوجيا وإختصار المسافات والأزمان ليصير العالم غرفة صغيرة نطل عبر نوافذها لهذا العالم الذى يعدو قطاره مسرعآ .
تحجز بعض الدول مقاعدها واخرى يتجاوزها القطار لتقف على رصيف الإنتظار.
ونبحث نحن عن دولة المؤسسات ونتحدث عن الإستقرار السياسي والإقتصادى .
فالإقتصاد بكل نظرياته يعمل على تنظيم أسلوب حياة الفرد .نضع الخطط والسياسيات والإستراتيجيات قصيرة وطويلة المدى ونرصد الميزانيات على المستوى الشخصي والعام .نزرع ننتج نصنع بكل مسميات التصنيع من تقليدى يدوى إلى متطور تحكمه وتديره الآله وهى من صنع الإنسان .
يبدع الإنسان حين يتجه إلى الأرض يزرع يفلح ينتج .فقد سبقنا الأجداد فى وضع نهج ونظام إقتصادى يعتمد على الإنتاج. لا تخلو البيوت السودانية فى عقود مضت من الزمان من وجود تربية حيوانات ودواجن وزراعة جزء من المنزل ليتكامل العطاء .نعم معظم الأسر كانت تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع (ليس بالشعارات الرنانه) لكنه الواقع حينها.
تقف أشجار النخيل والدوم شامخة تحكى عن عزة وصلابة إنسان السودان الذى لم ولن تكسره الأزمات الإقتصادية وسياسيات حكومات فشلت فى إدارة الدولة.
إتجهت نساء بلادى لتلك الأشجار لتجعل من سعفها او زعفها ) لتصمم وتصنع حسناء جميلة دخلت كل البيوت السودانية تحمل مالذ وطاب من خضروات وفواكه وخبز ولحوم كانت متعددة الأغراض( عن قفة الخضار أتحدث) او( سلة الخضار) لجيل الشباب.
إقتطعت نساء بلادى ساعات طوال لتصمم هذه القفة المصنوعة من سعف النخيل او الدوم لتشاركنا المعيشة دون كلل او ملل .كانت صديقة للبيئة لم تسبب مخاطر صحية ولم تترك وراءها مخلفات بيئية يمكن أن تشكل خطرآ على من يحملها.
دخلت بيوت الأثرياء والفقراء تنوعت وتباينت أحجامها وتصميماتها والوانها بعد قطع شرائح السعف وتجفيفه وصبغه بمايعرف ( بالتفتة) .
أبدعت هؤلاء النسوة فى أن جعلن قفة الخضار صديقة لكل فرد يحملها بحب يشبه حب الوطن الملاذ الآمن.
لم تهدد إقتصاد الدولة حتى إختفت وتوارت عن الأنظار وقد تجدها فى بعض المناطق محدودة او مختلفة الإستخدام .
تظل منتجات السعف والصناعات اليدوية مطلوبة مع تزايد إرتفاع الأمراض بسبب إستخدام أكياس البلاستك وعملية التدوير التى لا ترحم مستخدمى هذه الأكياس( عند حمل السوائل الساخنة وغيرها من الماكولات والمواد الغذائية ) ليت قومى يعلمون .
دعوتنا ان نعود ونحى ذكرى إستخدام( قفة الخضار ) والتى بغيابها تدهورت الاحوال المعيشية ( قد يتفق معى الكثيرين وقد نختلف ). قفة السعف لها إستخدامات عديدة فهى صديقة الأسر السودانية فى افراحها وأتراحها وغيرها من المناسبات الإجتماعية.
دعوتنا بعودة إستخدام منتجات السعف ( قفة الخضار ) حتى نربط جيل السوشيال ميديا وهم داخل غرفهم الافتراضية بواقع سودانى جميل فيه عزة وشموخ الأجداد والأباء .فقد كانت (قفة الخضار) قومية جمعت كل قبائل السودان التى تتصارع اليوم حول الزراعة والمراعى .تتصارع وتقتتل لأسباب واهية.
تظل أشجار النخيل والدوم فى كل بقاع السودان شاهد على ذاك العصر الذهبي .ولاتزال توعد بالكثير إن أحسنا التعامل مع كل مواردنا الطبيعية ووظفنا مواردنا البشرية لنعيش فى وطن آمن مستقر .