مخاوف سودانية من توجه أفريقي لإعادة تعويم قيادات حزب المؤتمر الوطني بعد مشاركة تلك القيادات في الاجتماعات التمهيدية.
الثلاثاء
أديس أبابا- يحاول المشاركون في المؤتمر التحضيري للحوار السوداني – السوداني بدفع من الجهة المنظمة إيجاد مخرج للأزمة التي تسبب بها حضور قيادات في حزب المؤتمر الوطني المنحل للأشغال.
وينظم الاتحاد الأفريقي منذ الأربعاء الماضي، مؤتمرا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يستهدف بحسب المعلن، توحيد مواقف القوى السياسية والمسلحة لدعم جهود وقف الحرب، لكن أطرافا سودانية شككت في المغزى من المؤتمر، معبرة عن مخاوف من توجه أفريقي لإعادة تعويم قيادات حزب المؤتمر الوطني أو ما يعرف بفلول نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، بعد أن تم اكتشاف أن عددا من تلك القيادات شارك في الاجتماعات التمهيدية.
وأفادت مصادر متطابقة لموقع “سودان تربيون” بأن القوى السياسية السودانية المشاركة في مؤتمر أديس أبابا اتفقت على عدد من المعايير التي من شأنها حظر مشاركة أي حزب يقع تحت طائلتها في العملية السياسية المستقبلية بعد انتهاء الحرب.
وكشفت المصادر أن مداولات ساخنة استمرت يومين بين المشاركين في المؤتمر التحضيري للحوار السوداني – السوداني حول مشاركة حزب المؤتمر الوطني المحظور في هذه العملية السياسية.
وعلم “سودان تربيون” أن المؤتمر كلف لجنة لمناقشة مشاركة حزب المؤتمر الوطني المنحل في العملية السياسية بعد وقف الحرب، لأهمية الموضوع، خاصة وأن هناك عددًا من القوى السياسية غابت عن حضور المؤتمر بعد تأكيدات بمشاركة منسوبي المؤتمر الوطني في الجلسات.
وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، وحركتا تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، والحزب الشيوعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي اعتذروا عن المشاركة في المؤتمر.
وأثر غياب هذه القوى بشكل واضح على المؤتمر، وأفرغه من محتواه الهادف بحسب المسؤولين الأفارقة إلى التوصل إلى صيغة توافقية تدعم الجهود الإقليمية والدولية في إنهاء النزاع المستمر منذ أبريل من العام الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وترفض هذه القوى بشكل قاطع أي مشاركة لحزب المؤتمر الوطني المنحل في أي ترتيبات للتسوية، وذلك لدواع قانونية وأيضا سياسية، في علاقة بالدور الذي لعبته قيادات المنحل في اندلاع الصراع والعمل على تأجيجه وتفخيخ أي فرص للحل السياسي.
وفي المقابل شهد المؤتمر المنعقد في أديس أبابا مشاركة نحو عشرين كتلة ومجموعة سياسية؛ أبرزها الكتلة الديمقراطية، والعودة إلى منصة التأسيس، وقوى الحراك الوطني، وتحالف السودان من أجل العدالة، ومجموعة التراضي الوطني، وحزب المؤتمر الشعبي وبعض ممثلي الإدارة الأهلية، ومعظمها قوى محسوبة على الجيش.
وقال المحلل السياسي محمد لطيف إن الاتحاد الأفريقي تحدث عن أن الهدف من المؤتمر استعادة عملية الانتقال السياسي واستئناف عملية التحول الديمقراطي، مضيفا أن المشاركين فيه ينقسمون إلى مجموعتين: مجموعة دعمت انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، والمجموعة الثانية هي ذات المجموعة التي ظلت تدعم الحرب وتصر على استمرارها، وتتهم الذين ينادون بإنهاء الحرب وإيقافها بالخونة والمجرمين.
وأشار لطيف في تصريحات صحفية إلى أن عدم جدية الاتحاد الأفريقي في الحديث عن استعادة العملية السياسية واستئناف عملية التحول الديمقراطي، ثم دعوته لذات المجموعات التي قطعت الطريق على العملية السياسية، يجعل من هذا الحوار ليس التجمع المؤهل لمناقشة عملية استئناف التحول الديمقراطي، واصفا موقف القوى السياسية التي قاطعت المؤتمر بأنه موقف محترم.
واتهم المحلل السياسي المشاركين في المؤتمر بتعطيل العملية السياسية في السودان، مشيرا إلى أن الاتحاد الأفريقي متواطئ في تعطيل الحل السوداني لأنه ساهم في إغراق المشهد السياسي السوداني بهذه المجموعات التي وصفها بأنها غير حريصة على إكمال العملية السياسية وحل أزمة السودان.
ويرى مراقبون أن حضور قيادات من الوطني المنحل جعل الاتحاد الأفريقي في موقف صعب، وهو يحاول من خلال المشاركين تجاوز هذا المطب، وإن باتفاقات ضبابية قابلة للتأويل.
وبحسب المصادر، فقد توصلت اللجنة المشكلة في مؤتمر أديس أبابا إلى اتفاق بأن يكون الحوار السوداني – السوداني شاملا ومفتوحا للجميع من حيث المبدأ، باستثناء من صدرت ضدهم أحكام أو وُجهت إليهم تهم بارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم إبادة جماعية، أو صدرت بحقهم أحكام وفقا للوثيقة الدستورية لعام 2019.
وقالت المصادر لـ”سودان تربيون” إن الصيغة التي طرحتها اللجنة تسمح بإقصاء حزب المؤتمر الوطني من المشاركة في ترتيبات الفترة الانتقالية دون المساس بمبدأ شمولية المشاركة في إنجاز مهامها، خاصة وأن الإسلاميين يرفضون الإقرار أو تحمل مسؤولية الجرائم التي اقترفت في حق الشعب السوداني ومحاسبة المتورطين فيها.
وجزمت المصادر بأن قيادات حزب المؤتمر الوطني التي تمت دعوتها لم تشارك في الاجتماع التحضيري بناءً على رغبة الجهة المنظمة بعد مقاطعة العديد من القوى السياسية للاجتماع وعلمها بمعارضة العديد من المشاركين.
وكانت السلطة الانتقالية السابقة أصدرت في نوفمبر 2019 قانونا ينص على حل حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه الرئيس المعزول عمر البشير ومصادرة أمواله ومنع رموزه من ممارسة العمل السياسي لعشر سنوات على الأقل.
كما أن القضاء السوداني أصدر أحكاما بالسجن في حق العديد من قيادات المؤتمر الوطني المنحل، والتي جرى تهريبها من السجن بعد اندلاع الصراع.
وتؤكد الوثيقة الدستورية على عدم سقوط جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم القتل خارج نطاق القضاء، وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وجرائم الفساد المرتكبة منذ الثلاثين من يونيو 1989 بالتقادم. كما تنص على محاسبة منسوبي النظام السابق عن جميع الجرائم المرتكبة منذ ذلك التاريخ.
ويرى متابعون أن هناك أطرافا في داخل الاتحاد الأفريقي أرادت من خلال المؤتمر كسر الحاجز النفسي بين الوطني المنحل والقوى الرافضة، بداعي أنه لا يمكن حل الأزمة السودانية بدون إشراك حزب البشير في العملية السياسية، حيث إنه المتحكم في القرار داخل المؤسسة العسكرية.
وترفض القوى المدنية والمسلحة هذه الحجج، وهي ترى أن أي اعتراف بالفلول في العملية السياسية سيعني مكافأتهم على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني الذي لا يزال يدفع ثمنها من خلال الحرب العبثية الدائرة حاليا.
وقال نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي محمد بدرالدين إن الاتحاد الأفريقي تعثر في دعوة القوى السياسية المدنية السودانية وأظهر في هذه الدعوة انحيازه لنظام المؤتمر الوطني المنحل. وأضاف أن النظام الحالي عضويته معلقة من الاتحاد الأفريقي بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
ورأى بدرالدين أن الاتحاد الأفريقي ليس مؤهلا لأي فعل إيجابي لحل الأزمة السودانية المستفحلة، ولن يكون مقبولا ولا مرحبا به من القوى الديمقراطية المدنية الفاعلة والمؤثرة في المشهد السوداني.
ووصف ما جاء في مؤتمر أديس أبابا بأنه بلا فاعلية، وأن مخرجاته سوف تأتي مخيبة لما يتطلع إليه الشعب السوداني من وقف للحرب وإنهاء المعاناة التي طالت وأضرت بالبلاد وأهانت وشردت العباد، وأضاف “لذلك لن تجد دعوة الاتحاد الأفريقي لقادة النزاع الاستجابة”.
NabeilShakoor
نآشر للأمل ..
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10