علي أحمد
صُعِقَ السودانيون الأسبوع الماضي من هول مارأوا، في مقطع فيديو ظهر فيه سياسي مُنظم في حزب المؤتمر الوطني المخلوع، والحركة الإسلامية السودانية – جناح على كرتي، بمعنى إنه إخونجي بامتياز، وهو يرتدي زيّاً عسكرياً ويقتحم مقر العقيد الركن “مدثر” قائد مدفعية الفرقة 11 خشم القربة، رفقة بعض الرجال في (جلاليب وعمائم) ربما هم أيضاً أعضاء في حزب المخلوع، ثم يشرع في إخضاعه إلى تحقيق دقيق موجهاً إليه تُهمة ثقيلة على قلب أي إنسان خصوصاً عندما يكون ضابطاً وقائداً بالقوات المسلحة، إنها تُهمة الخيانة الوطنية!
صورة السياسي الإخواني الصعلوك المدعو “الناجي مصطفى” وهو يُخضِع العقيد ركن قائد المدفعية بالفرقة المشار إليها للتحقيق في تهمة الخيانة الوطنية التي وجهها له، بينما الأخير ظل مُنكس الرأس تضرب عليه الذلة والمسكنة والانكسار الشديد، أكدت – بحق وحقيقة – أن قيادة هذا الجيش وأغلب ضباطه، ربما ما يفوق 90% منهم، هم كيزان يخضعون لسلطة الحركة الاسلامية وحزبها المؤتمر الوطني المحلول ويأتمرون بأمره، هذا بالطبع إذا ما أضفنا لهذه الصورة المُذلة اعترافات سابقة للكوزة (سناء حمد) بأنها أجرت تحقيقات مطولة ومكثفة – تحت التوقيع- مع قادة كبار في الجيش فيما يتعلق بإطاحة المخلوع عمر البشير، ورفعتها لرئيس الحركة الإسلامية وقتها الزبير أحمد الحسن الذي أمرها بذلك.
كما هو معلوم، وهذا أمر لا يخفى على أحد، أن الجيش يمتلك مؤسسة عسكرية قضائية تنظر في مخالفات وجرائم العسكريين والتُهم الموجهة إليهم من قبل النيابة العسكرية، كما يمتلك شرطة عسكرية تنفيذية، إذ لا يخضع أي عسكري حتى ولو كان مجنداً مُستجداً إلى القضاء المدني إلا بعد رفع الحصانة عنه وإحالته إليه، دعك من أن يقتحم مهوساً إخونجياً وهو في زي عسكري مقر قيادة فرقة عسكرية ويدعي إنه يفعل ذلك بصفته مواطناً سودانياً وأن الجيش هو ملك الشعب – (يا سلام)- لذلك يحق له بهذه الصفة اقتحام مكاتب كبار ضباط الجيش، ويقيم فيها مجالس تحقيق في الهواء الطلق، ويوجه الاتهامات لقائد الفرقة ويعنفه ويكيل له الاهانة والتهم بما في ذلك تهمة الخيانة الوطنية؟!
هل يمكنني أنا بصفتي (علي أحمد) أن اقتحم مكتب عبد الفتاح البرهان وأوجه لها تهمة إشعال حرب الخامس عشر من أبريل من أجل البقاء في السلطة أو تهمة الهروب من أرض المعركة ومن القيادة بعاصمة البلاد؟ أو أن اقتحم مكتب ياسر العطا بتهمة ارتكابه أعمالاً غبية تسيئ لسمعة المؤسسة العسكرية، رغم انها اتهامات صحيحة مائة بالمئة، ولكن هل كان سيمر الأمر مرور الكرام؟ وهل سيُسمح لمواطن عادي دخول مقر فرقة عسكرية، دعك أن يقيم مجلس تحقيق ويستجوب قائدها ويجعله ذليلاً مطاطأ الرأس، على النحو البئيس الذي رأيناه جميعاً؟!
إذاً، لا يحق لجميع أفراد الشعب السوداني التحقيق مع ضباط القوات المسلحة وتوجيه تهم الخيانة الوطنية إليهم بعد اقتحام مكاتبهم بطريقة (الكاوبويز)، وتصويرهم ونشر صورهم على الملأ، هذا متاح فقط لأصحاب هذا الجيش؛ أعضاء الحركة الإسلامية وكوادر ذراعها السياسية؛ حزب المؤتمر الوطني المخلوع، بما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا الجيش ملكاً للحركة الاسلامية، يخضع لقوانينها ويقع تحت محاسبتها، مثله مثل أي مؤسسة من مؤسساتها، أو كما فعلت وقالت (سناء).
إذاً، فالخلاصة أن الجهة التي تشن الحرب على قوات الدعم السريع ليست القوات المسلحة السودانية وإنما هي مجرد مليشيا كيزانية تنتحل اسم الجيش بعد أن سرقت قيادته وفرضت سيطرتها التامة على قادته توجههم كيفما وأينما تشاء.
الآن، حصحص الحق، البرهان نفسه الذي يجعجع أمس في عيد الجيش لا يملك إرادة مستقلة، ولا يستطيع أن يتخذ قراراُ قبل العودة إلى مالك الجيش (الحركة الإسلامية) ومشغله وولي نعمته، ولا أحد من ضباط الجيش الحاليين كباراً وصغاراً يستطيع أن يُنكر أنه يعمل في مليشيا تتبع للمؤتمر الوطني، وأنه مهما نال من الرتب العسكرية العظيمة خاضع بالضرورة لإرادة أصغر كادر سياسي في حزب المؤتمر الوطني، وأن عليه أن يظهر ليس ولاءه فقط بل خضوعه التام وانكساره الكامل وأن يبدي نوعاً من المسكنة والذلة والمهانة أمام هذا الكادر الإخونجي، كما فعل العقيد ركن منكسر “مدثر” أمام الكوز السفيه الناجي مصطفى!
مؤسف ما حدث لك يا عقيد ركن مدثر، لقد ظهرت بمظهر شديد البشاعة والهوان والضعف، وأصبحت حديث المدينة يارجل، وضربت مثلاً في الخوار وتقبل الإهانة وقبول انتهاك الكرامة والشرف العسكري، لقد كنت أيها العقيد الركن.. يا قائد مدفعية فرقة خشم القربة مثلاً سيئاً وأنت تهز رأسك وتطأطأه للناجي بانكسار شديد فيما هو يرفع سبابته أمام وجهك مهدداً وموجهاً لك تهمة نكراء ثم يبرئك منها فتفرح لذلك – يا رجل كم أنت هوان ورب السموات والأرض، ولو تعرضت أنا المواطن المدني العادي لما تعرضت له أنت لما نجي مني هذا الناجي أبداً ولكان الآن بين يدي الله، لكن الهوان أن يتحول ضابط الجيش إلى خادم في مليشيات الكيزان، وأن يتحول الجيش إلى كتيبة أخوانية تتبع لحزب لفظه الشعب في انتفاضة شعبية عظيمة، وكما قال الشاعر القديم:
إن الهوان حمار البيت يألفه // والحر ينكره والفيل والأسد .
الفيل والأسد والكلب، وكل الحيوانات المتوحشة والمستأنسة منها يعرفون معنى الكرامة والشرف ويرفضون الهوان، وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان يألفه ويتمرغ فيه.
كل عيد جيش وأنت مُهان.
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10