أكد عضو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، السياسي السوداني سليمان مسار، أن ما ظهر من انفتاح لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، بشأن الأوضاع في السودان، يأتي في إطار مخاوف من تعامل المجتمع الدولي مع أي مفاوضات قادمة حول السودان، لا سيما مع قرب سقوط “الفاشر” في يد “الدعم السريع”؛ ما يفرض واقعًا جديدًا.
وقال مسار في حوار مع “إرم نيوز” إن هناك مساعي من قوات “الدعم السريع” لفتح مسارات يتم من خلالها إيصال المساعدات الإغاثية، وذلك عقب اتفاق “الدعم السريع” خلال وجودها في محادثات جنيف، مع منظمات دولية إنسانية، لإيصال المساعدات فضلًا عن جهود لتمهيد مسارات آمنة لإدخال مساعدات عبر جنوب السودان وأفريقيا الوسطى.
وشدد مسار على أن وصول المساعدات بشكل آمن يتوقف على أمر واحد فقط هو حظر طيران الجيش بشكل عاجل.
-تحدث البرهان بعد تصريحات بايدن الأخيرة بشأن المفاوضات عن أنه منفتح على المفاوضات.. هل يرجع ذلك إلى خشيته من الضغوط الأمريكية؟
التقدم العسكري الذي رأيناه لقوات الدعم السريع في الفاشر هو الذي أرعب الجيش، وجعله يتخوف من المصير المنتظر في ظل توقعات بسقوط ولاية شمال دارفور الفاشر في يد الدعم السريع، وبذلك تكون حظوظ الدعم أقوى في أي مفاوضات قادمة، ولربما أوضاع الفاشر جعلت الجيش في مكمن الخوف؛ ما يشكل عليه ضغطًا على البرهان، الأمر الذي جعل تفاعله أكبر، ويأخذ شكل الانفتاح مع تصريحات بايدن.
-من المفترض أن يشارك البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويلتقي وزير الخارجية الأمريكي وجها لوجه.. هل من الممكن أن يحمل هذا اللقاء نوعًا من الحلحلة في تعاطي البرهان مع المفاوضات؟
لن يخدم لقاء البرهان مع الوزير الأمريكي أنتوني بلينكن العملية السلمية وسيكون للمراوغة، لا بد للمجتمع الدولي أن يكون له موقف ثابت لوقف الحرب، مثل هذا اللقاء لن يساهم بأي شكل في حل الصراع، لأن قرار الجيش “مختطف” من الحركة الإسلامية التي تفتك بالمواطن السوداني وتقتله بالطيران.
ونحن نناشد المجتمع الدولي بالضغط على الجيش والإسلاميين بوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، حتى نخرج بالمواطن السوداني من هذه النكبة التي يعيشها على كل مستوى أقاليم البلد المهدد بكارثة مجاعة وأمراض مزمنة وتشريد، وقادة الجيش لا يهمهم؛ لأنهم حلفاء للحركة الإسلامية التي قامت بتأجيج هذا الصراع، فهم لا يرون إلا الحرب؛ لأن السلم لا يذهب بهم لمصالحهم الخاصة.
-هل ساهمت التطورات الميدانية في الفاشر بالضغط على البرهان؟
ما اعتدناه من البرهان هو المناورة والمراوغة، وذلك منذ قيام منبر جدة، وفي كل المنابر السابقة التي تؤكد أنه ليس جادّا في السعي تجاه السلام أو إيقاف الحرب؛ لأن قرار البرهان ليس في يديه، العملية السياسية التي تجري في السودان للأسف ليست بيد الجيش، وإنما في قبضة الحركة الإسلامية التي فجرت هذا الصراع، وتتحكم في مفاصل القرار في المؤسسة العسكرية للأسف، وهذه الحرب كشفت أن هذا الجيش ليس له الرغبة في السلام والعودة إلى أي منبر من المنابر، سواء جدة أو جنيف، أو الوصول إلى مفاوضات حقيقية، لذلك قد يلجأ إلى المناورة السياسية من أجل أن يوهم العالم أنه رجل سلام، ويسعى لوقف الحرب.
وهذا ما رأيناه في زيارته إلى جوبا، التصريحات التي خرجت من البرهان بعد لقائه مع رئيس جنوب السودان سيلفا كير، تدل على أن هذا الرجل ليس له رغبة في عملية السلام، وللأسف كان اللقاء محبطًا لكل من يحب السلام للسودان.
-لكن كيف تفسر ما وراء إعلانه الانفتاح على القبول بالمفاوضات بعد تصريحات بايدن الأخيرة؟
إن كان أعلن الانفتاح على المفاوضات، فهو ليس أكثر من تعامل مع ما صدر من الرئيس الأمريكي، أمر ظاهري للمراوغة، وسيكون منفصلًا عن أي رغبة أو جدية للسعي نحو السلام أو الانفتاح نحو أي مفاوضات، وسيجد البرهان مخرجًا للهروب من ذلك، وتفاعله مع بيان بايدن هو خشية من أن تتناول وسائل الإعلام العالمية والإقليمية أن الجيش ليس له الرغبة في السلام.
-بعد فشل “جنيف” هل نحن أمام معترك جديد بخصوص السودان؟
كان من المتوقع، بعد فشل “جنيف”، أن تأخذ المعارك هذا المنحى الشرس، اليوم لا خيار سوى المعارك، والجيش هو من اختار طريق الحرب والاستمرار فيها؛ ما يدل على أنه ليس لديه نية للسلام، ومحادثات “جنيف” ليست آخر محطة في المفاوضات، ولكنها باتت مرتبطة بانهيار تام لأية محاولات لوقف الحرب في الوقت الراهن، بعد أن كان الشعب السوداني يأمل في السلام، في وقت تمسك فيه الجيش بالحرب التي سعى إليها من البداية، كان من الممكن أن تقدم “جنيف” خيارًا سلميًا أفضل وحلولًا حقيقة، ولكن ما حدث يحمل دلالة أن الجيش يسعى إلى الحرب بكل ما أوتي من قوة.
-هل معنى ذلك أن كل طرق التفاوض أغلقت بعد جنيف؟
لم تغلق، “جنيف” كانت محطة عابرة مثلها مثل جدة، لكن ما نراه الآن من تعنت من جانب الجيش وعدم إبداء الرغبة والنية في التوصل إلى سلام يعرقل أي محاولة، وكان لا بد أن يضغط المجتمع الدولي على الجيش، حتى يكون هناك توصل إلى أي بوادر للتفاوض، الآن لم يعد هناك منبر واضح للتفاوض، والآمال معلقة على ظهور منبر آخر في أقرب وقت، كل الشعب السوداني يطلب السلام إلا الجيش وحلفاؤه هم الذين يسعون إلى الحرب، وسط أسوأ مشاهد بقصف المدنيين بالطيران الحربي.
-كيف ترى حالة استهداف المدنيين العزل من الجو بالطيران الحربي؟
قوات البرهان للأسف تستهدف بالقصف قوميات وعرقيات بعينها، بتهمة أنها حاضنة لـ”الدعم السريع”، وهذا ليس صحيحًا، “الدعم السريع” الآن قوة مقاتلة ولها أماكنها الواضحة والعلنية، ولو أراد طيران الجيش أن يصل إليها لفعل ذلك، ولكنه لا يستطيع لأبعاد وحسابات أخرى، فيكون الطريق هو استهداف المدنيين على أساس عرقي وقبلي، ما يدل على أن الجيش فقد البوصلة في هذه الحرب.
-هل سيكون الدعم الذي يسعى إليه البرهان من الخارج بمقابل مادي أم سيخضع لماذا؟
نعم الدعم والتسليح له مقابل لا شك في ذلك، أي دولة تدعم الجيش في هذه المرحلة تسعى إلى الحصول على مورد من الموارد بالسودان، وكما يعلم الكل بأن السودان يحمل كميات ضخمة من الموارد الطبيعية كالذهب والمعادن والثروة الحيوانية والثروة الزراعية، الصين تسعى بكل ما أوتيت من قوة أن يكون لها وجود على مستوى البحر الأحمر، وأن يكون لها أيضًا مواقع للتعدين، ونفس الحال لروسيا، لذلك نناشد المجتمع الدولي بمواجهة أي محاولة مباشرة أو غير مباشرة لسرقة مواردنا عبر سعي البرهان في إعادة تسليح قواته.
-الأزمة الإنسانية وإيصال المساعدات.. هل من الممكن أن يكون لها مسار جديد بعد اتفاقيات قام بها “الدعم السريع” في جنيف مع منظمات دولية مؤخرًا؟
ما حصل في السودان، وما زال يحدث “مجاعة”، الشعب السوداني مهدد بالأمراض المزمنة لنقص المواد الغذائية ونسبة توقف وسائل الإنتاج؛ بسبب الحرب الضارية؛ ما أدى إلى إيقاف الإنتاج، وهناك بعض المساعي لفتح المسارات في مناطق قوات “الدعم السريع”، بالعمل على مباشرة منظمات إغاثية وإنسانية عملها من هناك، اتفق معها خلال التواجد في محادثات “جنيف”، لذلك أعتقد أنه سيكون هناك مسارات أخرى في المرحلة المقبلة لإيصال المساعدات في مناطق “الدعم السريع”، هناك مساعدات دخلت فعلًا وهناك مساع لفتح مسارات عبر جنوب السودان وأفريقيا الوسطى، لتكون مسارات آمنة تدخل من خلالها المساعدات، ولكن نجاح ذلك يتوقف على شرط واحد هو حظر طيران الجيش بشكل عاجل، حتى يتم إدخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء إلى المواطنين الذين هم في حاجة إليها.
-هل ننتظر من المجتمع الدولي تعاملًا مع قصف المدنيين الذي يفاقم الأوضاع الإنسانية والإغاثية؟
نعم نناشد المجتمع الدولي بالتدخل وقف قصف الطيران، طلبنا من كل الدول التي تسعى إلى السلام ضرورة العمل على منع الجيش عن قصف المدنيين العزل، وهذا القصف يضاعف المجاعة والإصابة بالأمراض المزمنة للمدنيين، لذلك على المجتمع الدولي التدخل لحماية المدنيين من القصف الذي يتم في الساعات الأولى ليلًا من كل يوم عمدًا، حين يكون المدنيون خالدين للنوم، ولا يستطيعون الهروب.
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10