علي سانتينو
لسيت المرة الأولى يتحشر النظام المصري في الشأن السوداني الداخلي، ففي مطلع السبعينيات قصف الفرعون حسني مبارك معقل الأنصار في الجزيرة وأحدث مجزرة راح ضحيتها آلاف المواطنين الأبرياء، لم يكن تدخل الطيران المصري حينها دعماً لنظام النميري الوليد وإنما خشية ان يخرج القرار السياسي في السودان عن الكتله الشمالية التي تدين بالولاء والطاعة لمصر، كانت أزمة التفكير المصري متمركزه حول اشكالية خروج السلطة المركزية في السودان عن النفوذ المصري في الشمال النيلي الذي جعلته مصر حديقتها الخلفية وحارس أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية. وللمفارقه ان الطيار (حسني) الذي أمطر الجزيرة أبا بالبراميل الحارقة هو ذاته بعد حين من الدهر يصعد إلى عرش الدولة في القاهرة، وصار يمارس ذات الأسلوب وذات التهكم على السيادة السودانية حتى تمدد في حلايب وشلاتين.!
وفي عهد الطيار حسني وما قبله لم تغير مصر من سياستها الاستعمارية والاستعلائية على السودان، فاستمرت بنفس الصلف والازدراء حتى في عصر الألفية واحترام سيادة الدول، ولا تزال ديناصورات الجيش المصري يعتقدون أن القوات المسلحة السودانية ماهي إلا سرية صغيره في الجيش المصري تأتمر بأوامره وتتلقى التعليمات من أعلى اهرامات الجيزة، فقد تحدث سودانيون كثر عن خطورة المطامع المصرية على الوحدة الوطنية في السودان سواء كانت عن طريق المخابرات او عن طريق ملفات المياه، وتتمظهر هذه المطامع في طريقة اعتراض النظم المصرية لأي شكل من الأشكال التحول الديمقراطي في السودان، والاعتقاد بأن الحكم الديمقراطي سيحد من سيطرة القاهرة على مقود الجيش السوداني، وهي هياكل عسكرية تشكلت بفهم وعقيدة خديوية خالصه، وإن وجود هذا الجيش (المتموصر).. بجانب القرار السياسي السوداني ستضمن مصر مصالحها على النيل وكل الموارد الحيوية جنوب السد العالي العظيم، ولا شك أن هذه التدابير ستعيق سبل وصول الديمقراطيين إلى حكم السودان. لذلك يلاحظ ان اي انقلاب على الديمقراطية في السودان يقف خلفه النظام المصري، ويوفر له مطلوبات البقاء ومستلزمات الخلود في السلطه كما فعلوا مع النميري ونظام الإنقاذ الإسلاموي من حماية عبر الطيران الحربي، ورغم ذلك السوء هناك من يترنمون بأن مصر أخت بلادي وشقيقتها.!
اهم ما في خطاب قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي امس الأول انه كشف عن الأدوار القذره لمصر في حرب السودان الحالية واشتراكها بإلطائرات في قتل المواطنين وتدمير موارد السودان والبنية الصناعية في الخرطوم، نفس الطيران دمر الكباري والمستشفيات والاعيان، وظل يقصف الأسواق ومورد الماشية في دارفور كردفان، كيف تكون مصر اخت بلادي وهي صاحبة النصيب الأوفر من الفظايع انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، تدخلت مصر بشكل مباشر في الحرب الدائرة لتثبيت بقاء الحكم لعملائنا في الشمال النيلي، وهو امتداد للسياسة المصرية التقليدية التي حدت من طموحات الأنصار في الجزيرة أبا بطائرات حربية مدمره، ذات التصورات تدور بقوة لدى الدولة المركزية المصرية التي تتخيل إنتقال نفوذ قوات الدعم السريع إلى العمق ماهو إلا تطور للقوى الأنصارية التي قصفتها بالطائرات في الجزيرة قبل نصف قرن ويزيد من السنوات.!
بعد أن ازاح قائد الدعم السريع اللثام عن وجه الدولة المصرية الغاشم أدركت شعوبنا المهمشه أهمية ان يبقى السودان للسودانيين فقط، ولا يفوت على أحد كيف عايش الشعب السوداني مستويات تاريخية من الزييف حول مؤامرة الوحدة مع مصر أو ما تسمى بوحدة وادي النيل، فما هي إلا واحده من سيناريوهات ترسيخ الاستعمار المصري واستحمار السودانيون واستهوانهم، ولو أدرك الساسه الوطنيون مدى هيمنة النظام المصري على الارادة السودانية، سيتعرف الأغبياء على حقيقة ان النظام المصري ظل على الدوام يخطط لقطع الطريق أمام اي تحول مدني ديمقراطي في السودان ويرفض ان يحكم الشعب السوداني نفسه بنفسه، حيث بات مفهوماً للجميع ان مصر هي اللاعب الأساسي في طريقة واد الثورات السودانية الداعية للتغيير، قال محمد حمدان دقلو في عبارات صريحات انه وعندما تراجع جيش البرهان وانهزم أمام اشاوس الدعم السريع تدخلت مصر بكل صلفها وجبروتها لإنقاذ هذا الجيش من براثن الهزيمة، ولهذا قدمت جملة واحدة ثمانيه طائرات صينية طراز k8 لحسم معركة جبل الموية واستخدامها لضرب قرى ومدن ماهولة بالسكان في دارفور كردفان.
ولن ينسى الشعب السوداني افاعيل الاستعمار المصري وعملائه التاريخيون ما دامت ذاكرة الحروب والنزاعات متقده، ومادام الاضطراب السياسي هو المناخ السائد في الدولة السودانية الحُره، وما دامت تجاربنا الديمقراطية تترنح بعد كل ثورة ووثبه، وانتفاضة شعبية تدعو للحرية والسلام والعدالة.