عبدالرحمن الكلس
لشاعرنا الكبير الحسين الحسن قصيدة غنّاها عبد الكريم الكابلي، كُتِبَتْ في ذلك الزمان البعيد للتغني بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، وقد كان الرئيس المصري وقتها “جمال عبد الناصر” أحد أعلام هذا المبدأ الذي أسفر عن تكتل دولي تحت اسم “دول عدم الانحياز”، يقول فيها: “مصر يا أخت بلادي يا شقيقة”.
الآن، لم تعد مصر هي مصر، وعبد الناصر ودول عدم الانحياز، كلاهما بين يدي الله، ولو كان الحسين حيًّا لربما غيّر بيت الشعر أعلاه إلى (مصر يا خصم بلادي يا “شليقه”)، وشليقه – للناطقين بغير السودانية – مفردة محلية مشتقة من الشلاقه، وتعني؛ حشر أنفك فيما لا يعنيك، والرجل الشليق أو المرأة الشليقة دائمًا ما يتسببان بأذًى جسيم ومستديم لمن حولهما، ومصر تفعل ذلك دائمًا فيما يخص الشعب السوداني (غير الشقيق).
ولأن الأمر بلغ الآن أوجه، بمشاركة مصر في الحرب، ليس فقط لما قالته قوات الدعم السريع وقائدها، بل أيضًا ما ورد على لسان بعض المصريين وفي بعض التقارير الصحفية الغربية، وما يدور في المجالس السودانية التي لا تعرف الأسرار، مما يجعلها مشتركة اشتراكًا مباشرًا في قتل شعبنا وتدمير بلادنا، ولأن اللعب صار على المكشوف، فدعونا نقول إن مصر هي المساهم الأكبر في تخريب السودان منذ أن حشرت أنفها فيه قبل مئتي عام من الآن عقب انهيار السلطنة الزرقاء 1821.
هذا تاريخ طويل، فلندعه حتى يحين وقته، أما الراهن فقد شاركت القاهرة بثقلها في تحريض ودعم قائد الجيش على تعطيل التحول المدني الديمقراطي والوقوف ضد إرادة الشعب السوداني، وخططت له وشاركته انقلاب 25 أكتوبر 2021، ثم حرب 15 أبريل، التي حشدت لها طائراتها في مطار مروي، لسحق أحلام الشعب السوداني بسحق الاتفاق الإطاري، والذي وقع عليه البرهان نفسه، لكنه انسحب منه أمام ضغطها وضغط جماعة الإخوان المسلمين السودانية الإرهابية، المتحالفة مع القاهرة، وإرهابية هذه – تصنيف مصر لإخوان مصر – أما (الإخوان بتوع السودان) فأصدقاء، لأنهم فاسدون وعملاء!
بعد اتهام قائد الدعم السريع لمصر بالمشاركة في الحرب، سارعت وزارة الخارجية المصرية بنفي الاتهام، لكنها وصفت قوات الدعم السريع بالمليشيا، وكأنها تعبّر عن وجهة نظر جماعة الإخوان الإرهابية (السودانية) التي ظلت تستخدم هذا الوصف في سياق الحرب الإعلامية بينها وبين قوات الدعم السريع، وبالتالي فإن الخارجية المصرية أثبتت أن مصر والغة في عداء الدعم السريع، وهذا لا يهمنا، وما يهمنا هو أنها والغة في الحرب على بلادنا، التي قامت بالأساس لتدمير أشواق السودانيين وقتل أحلامهم وآمالهم بالحرية والديمقراطية في وطنهم.
قوات الدعم السريع أصدرت بيانًا آخر أمس الجمعة 11 أكتوبر، أعربت فيه عن استغرابها من النفي المصري، مؤكدة وجود أدلة مادية تثبت تورط مصر. وأعلنت عن أسر قواتها لجنود وضباط مصريين، وصفهم البيان بـ”المرتزقة”، شاركوا بجانب الجيش السوداني في الحرب، مضيفة أن الدعم المصري لم يقتصر على الطيران، بل شمل إرسال أسلحة وذخائر، بالإضافة إلى تقديم التدريب العسكري للجيش السوداني.
وتدخل الجيش المصري في السودان قديم، أقدم من عمر الدعم السريع وقائدها، لكن لا يرغب هذا المقال في العودة إلى التاريخ، كما لا يرغب في تبني خطاب قائد الدعم السريع ولا بيانه اللاحق، وإن كانا يعبران عن الحقيقة، فمصر ظلت دائمًا تقف حجر عثرة أمام الشعب السوداني في تقرير مصيره السياسي وطبيعة الحكم الذي يختاره، والسودانيون تواقون إلى الديمقراطية التي ستحقق لهم الحرية والكرامة الإنسانية وتقضي على الفساد، والأخير مربط الفرس ومفتاح التفسير للتدخل المصري العسكري في السودان، وما يعلمه الرضيع في مهده وراعي الضأن في البوادي أن مصر تريد موارد السودان ولا تريد شعبه، لذلك تدعم الفاسدين واللصوص والمفسدين من قادة الجيش، من: الفريق إبراهيم عبود إلى الفريق عبد الفتاح البرهان، وهؤلاء القادة العسكريون هم أذناب مصر وأزلامها ومسخري ثروات السودان لصالح مصر (المحروسة)!!
لكن على مصر أن تعلم أن لعبتها هذه انتهت، وأن حصة جديدة (وشوطًا) ثانٍ من العلاقات قد بدأ منذ إطاحة البشير عن السلطة، وعلى حكومات مصر أن (تقوي) عضلات ظهرها وبطنها للقادم منذ الآن، أو فلتحارب الشعب السوداني علناً وتُحسِن الذبح!
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10