علي أحمد
أثارت تصريحات توم بيريللو، المبعوث الأميركي الخاص للسودان، التي عبّر فيها عن قلقه حيال استمرار مفوضية العون الإنساني في السودان التي يديرها جهاز الأمن واستخبارات الجيش في منع وصول الإغاثة الطارئة إلى مستحقيها في مناطق النزوح والحرب، جدلاً كبيراً بين المانحين والمواطنين المستحقين لهذه الإغاثة؛ الذين يتعرضون لأكبر عملية نهب وسلب في التاريخ الإنساني الحديث. فالجيش، الذي يمنع عنهم (ويسرق) الإغاثة، هو نفسه الذي يحتال عليهم بتسليح بعضهم واستعراضهم في السوشيال ميديا كمستنفرين مجاهدين يتوعدون (العدو) بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكن في أول هجوم عليهم يولي الأدبار، ويتركهم مع المواطنين لمصيرهم فيضطرون إلى الهروب والنزوح من مناطق الحرب، فيتاجر الجيش بقضيتهم ويطلب إغاثة المجتمع الدولي، فما إن تأتي حتى يسرقها هو وحلفاؤه من حركات الارتزاق.
يقول بيريللو: “في الفترة ما بين أغسطس وأكتوبر، منعت المفوضية خروج 520 شاحنة إغاثية من أصل 550 من ميناء بورتسودان، ما أدى إلى حرمان 6.4 مليون شخص من الغذاء والدواء الضروريين لبقائهم، ما يفاقم الوضع الإنساني في البلاد”.
تصوّروا أيها القراء الأعزاء، أن تسرق حكومة اللصوص الفارين من الحرب في بورتسودان (520) شاحنة محملة بمواد إغاثة مُخصصة لأكثر من 6 ملايين شخص نازح، وتترك لهم (30) شاحنة فقط، وهذه لا تصلهم أيضاً، حيث يتم في الغالب نهبها وسرقتها وبيعها للتجار في أسواق الشرق والشمال.
من وجهة نظري، إن الغرض من هذه السرقات غير المسبوقة، بجانب تحقيق المصالح الشخصية للعصابة الحاكمة في بورتسودان، هو تجويع النازحين لرهن ولائهم للمليشيات الكيزانية وحركات الارتزاق التي تستأثر بنصف هذه المواد الإغاثية المنهوبة وتبيع نصفها الآخر في (أسواق الله أكبر)، أمام أبصار المواطنين الذين يرون بأمهات أعينهم سماسرة وزير المالية الفاسد (جبريل إبراهيم)؛ وهم يجوبون الميناء يأخذون مواد الإغاثة ويرحلونها إلى أسواق الشرق والشمال.
هؤلاء اللصوص – بتقييدهم وسرقتهم للإغاثة – يرتكبون انتهاكات حقيقية لحقوق الإنسان؛ باستخدامهم سلاح الإغاثة بشكل غير أخلاقي كأحد وسائل الضغط على المجتمع بحيث يستسلم لهم من خلال سياسة التجويع والإخافة وبث الهلع والرعب. إنهم يعرضون حيوات المواطنين للخطر مرة بتركهم دون حماية، ومرات بنهب المواد الغذائية والأدوية التي تتبرع بها الهيئات والمنظمات الخيرية والأممية والشعوب المحبة للسلام والأمان.
إن فساد الجيش والكيزان وحركات الارتزاق معلوم لدى المواطن السوداني بالضرورة، لذلك لا تجد من يتجادل حول ذلك. ولكن، لماذا لا يفكر المجتمع الدولي والدول المانحة في وسائل وطرق وخطط بديلة لإيصال المساعدات الإغاثية لمستحقيها الذين يُقتلون عمداً عبر سياسة التجويع، وذلك بالنظر بجدية إلى اقتراح رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم)، رئيس الوزراء السابق، الدكتور عبد الله حمدوك، الذي تقدّم به خلال زيارته الأخيرة للعاصمة البريطانية لندن، بتخصيص مناطق آمنة للنازحين يُفرض عليها حظر للطيران، وتُفتح منها وإليها طرق آمنة لوصول الإغاثة الإنسانية مباشرة من مصادرها، وتوزع تحت إشراف الأمم المتحدة، بحيث يُضمن وصولها لمستحقيها، عوضاً عن هذه المحاولات غير المجدية لجعل اللصوص أكثر إنسانية وورعاً ومخافة من الله. فهؤلاء نُزعت عنهم ضمائرهم وأخلاقهم والقيم الإنسانية الطبيعية للبشر الأسوياء، لا رجاء منهم ولا فائدة، ولن يُجدي التعامل معهم بصفتهم أناساً طبيعيين. لذلك، ينبغي أخذهم بالقوة والإخافة والوعيد والتهديد؛ حينها سيرضخون ويستجيبون صاغرين. وجربوا لتروا نتائج مذهلة وسريعة.
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10