توالت معاناة السودانيين من حالة الغلاء التي تضرب الأسواق، في ظل حالة من الفوضى وغياب الأجهزة الرقابية، حيث يسود الشارع السوداني حالة من الاستياء والغضب إزاء الغلاء الذي شمل كافة السلع الاستهلاكية، ولم تكن لأغلب الشعب، وهو من ذوي الدخل المحدود، خيارات لمواجهة الغلاء غير خفض عدد الوجبات اليومية، أو محاولة الحصول على المواد الغذائية التي تضاعف ثمنها بطرق مختلفة دون جدوى، ويصف المواطنون حالة الغلاء بأنها استمرار لفشل منظومة اقتصادية غير قادرة على ابتكار حلول لمعالجة التدهور المستمر للاقتصاد السوداني.
صعوبات كبيرة
ويواجه السودانيين صعوبات كبيرة في ظل انخفاض قيمة الجنيه السوداني الذي يتم تداوله في السوق الموازي حاليا عند حدود 270 جنيها للدولار الواحد ، ورغم ان هنالك محاولات خلال الأسابيع الماضية للحد من أنشطة السوق الموازي، لكن الإجراءات التي اتخذتها لم تفلح في ضبط إيقاع السوق، بيد ان السودان يستورد أكثر من 60% من احتياجاته الاستهلاكية من الخارج وهو ما يرفع الطلب على الدولار، غير أن اتساع رقعة الفقر في البلاد تتطلب المزيد من الإجراءات التي تمكن من إحداث استقرار اقتصادي مستدام.
تغطية الاحتياجات
وما يؤرق الكثيرين أن الغلاء لا تصاحبه زيادة في الأجور، مما يسبب عجزا مستمرا لدى الأسر في تغطية احتياجاتها اليومية، وهو ما دفع بعضها إلى ترك الوظيفة العامة والتوجه نحو السوق الحر عله يشفع، في وقت اصبح لا يستطيع رجلا واحدا تغطية احتياجات المنزل، لذلك نجد ان جميع الاشقاء في الاسرة الواحدة يخرجون الى العمل ولا يأتون منها الا المساء من اجل تلبية مطلوبات المنزل، ومقاومة الاسواق باهظة الثمن، في وقت ترك عدد من الابناء المدارس وفضلوا العمل في الاسواق نسبة لحوجة الاسرة إليهم في ظل الضائقة الاقتصادية.
واقع قاسي
وليس بعيداً عن ذلك، يشير إبراهيم صديق، وهو موظف مرموق، إلى أن أسرته تعاني كثيرًا من فرق الدخل والمنصرف، وأن راتبه لا يسدد نصف احتياجاته، ما جعله يلجأ للعمل بعد نهاية دوامه الرئيسي (سائق ركشة)، عله يوفر بعض الاحتياجات التي يتقاصر عنها راتبه الحكومي، ومع هذا فإن انفلات السوق والأسعار من دون ضوابط أو رقابة، يجعل حياته شبه مستحيلة، وتلجأ الأسر لحيل كثيرة للتعاطي مع الواقع القاسي، ومن بينها اختصار الوجبات من ثلاث وجبات إلى اثنتين، وبابتسامة حزينة يقول إبراهيم إن ـ أسرته تطلق على الوجبة الثانية (الغشاء)، وهو اشتقاق من مفردتي (الغداء والعشاء)، لأن الوجبة تقدم في حدود الساعة السادسة مساء، لتسد مكان الوجبتين.
غياب الوزارة
ووجه الخبير الاقتصادي نجم الدين عمر، اتهامات لوزارة التجارة بالتقاعس عن أداء دورها في مراقبة الأسعار، وقال إنها غائبة تماماً عن الأسواق، ووصف ما يحدث من فوضى وارتفاع الأسعار في الأسواق، بأنه نتاج التساهل في تطبيق القانون على التجار المخالفين والمتلاعبين بالأسعار، وطالب الحكومة بدراسة الأثر الاقتصادي للقرارات التي تتخذها، بهدف الحد من التداعيات السلبية على المواطنين، قائلاً: إن السياسات الاقتصادية الأخيرة تسببت في خلل كبير يعاني منه المواطن حاليا، وأكد نجم الدين أن الزيادات التي تشهدها الأسواق غير منطقية ولا مبررة، مشيرا إلى أن رفع سعر أي سلعة لا يجب أن يتم دون أخذ الإذن من وزارة التجارة وإحضار مستند رسمي بالموافقة على ذلك بناء على معطيات موضوعية، بحسب القانون، مشيرا إلى تعمد بعض التجار الالتفاف على القرارات الحكومية، وتساءل عن أسباب غياب وزارة التجارة عن الأسواق ومراقبتها، بالرغم من حرصها على الوجود في أسواق بورصة الأوراق المالية والمحاصيل، مطالباً بتطبيق قانون حماية المستهلك، حيث إن تذبذب الوضع الاقتصادي وعدم الاستقرار يؤديان إلى مزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين، وشدّد على ضرورة اعتماد معالجات منطقية بدلا من رفع الرسوم والجمارك.
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10