تقرير
يتفق السودانيين على الأداء الباهت لقوى إعلان الحرية والتغيير خلال الفترة الماضية التي انقضت من عمر الانتقالية، فيما يختلف الكثيرون حول دواعي الأداء الرتيب لأحزاب تعتبر الحاضنة السياسية للحكومة التنفيذية، وهي تعتمد عليها في سياساتها وقراراتها لاسيما الحساسة منها، بيد أن هذه الآراء جميعها تقر بفشل الحكومة وحاضنتها التي تسمى اختصاراً بـ(قحت) في انقاذ البلاد من الوهدة التي هي فيها.
خلافات مبكرة
وبالنظر لدواعي فشل الحرية والتغيير في العبور بالفترة الانتقالية الى بر الأمان، نجد ان من ابرز الأسباب، الخلافات التي ضربت التحالف مبكراً فالجبهة الثورية التي كانت تمثل ركناً مهماً في التحالف اختلفت مع رفقائها من الأحزاب في بداية الانتقالية ابان فترة التفاوض مع المجلس العسكري ما جعلها تنسحب من الحرية والتغيير، وتعلن مناهضتها للتحالف الذي اعتبرته غير شرعي، لكنها ـ أي الثورية ـ عادت وتفاوضت مع “قحت”، في العاصمة الأثيوبية أديس ابابا، لكن الطرفين فشلوا في الوصول الى صيغة واحدة.
فلاش باك
ويشار إلى انه سبق وان هاجمت قيادات الجبهة الثورية بعنف قوى اعلان الحرية والتغيير، نتناول جزء منها: حيث شن رئيس وفد حركة جيش تحرير السودان اركو مني مناوي، هجوما حادا على قوى الحرية والتغيير، متهما إياها بـ”خيانة العهد” وسرقة وظلم الآخرين والاستفراد بالسلطة، وقال إن قوى التغيير جسم “هلامي” القوام، وبه الكثير من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
كما قال رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم، إن الطمع والمحاصصات في السلطة أدت إلى خلافات كبيرة في قوى الحرية والتغيير، واتهم أحزاب باختطاف الثورة وصفها بالقلة والفاقدة للسند الجماهيري، وقال: “نحتاج الآن لإعادة ترتيب قوى الحرية والتغيير من جديد حتى نوفر للحكومة حاضنة سياسية تكون عاقلة وممثلة لكل القوى السياسية فى البلد وليست محتكرة ومجيرة لصالح أحزاب معروفة”.
وفي تعليقه على أداء الحُرية والتّغيير، وصف رئيس الحركة الشعبية شمال مالك عقار قِوى الحُرية والتّغيير بأنهم “نشطاءٌ سِيَاسيُّون”،
فيما هاجم التوم هجو نائب رئيس الجبهة الثورية، تنسيقية إعلان الحرية والتغيير واتهمها باختطاف الثورة وقراراتها، وقال إن الجميع هرول نحو المغانم والمكاسب عقب سقوط النظام، وقال إن الحرية والتغيير تعاملت باستفزاز واستكبار مع ممثلي الجبهة الثورية وذكر قائلا اننا فقدنا الثقة تماماً في قوى الحرية والتغيير وأصبحنا ننظر اليهم كما ننظر لرموز النظام السابق.
كما أشارت الجبهة الثورية من قبل إلى أن “قوى الحرية والتغيير مارست ضدها الإقصاء، وتوصلت إلى محاصصات حزبية حول تعيين الولاة المدنيين بطريقة مخجلة، تسعى لتعيين أشخاص لا يتمتعون بالكفاءة”.
تململ داخل التحالف
ولم يمر قليل وقت حتى انتقلت الخلافات من الحرية والتغيير والجبهة الثورية الى داخل التحالف نفسه، حيث بدأت بعض الأحزاب البارزة بالتحالف في التململ، جراء سياسات الحرية والتغيير والقرارات المهمة التي لم تحظى بإجماع كامل نسبة لأيديولوجيا المكونات التي تختلف عن بعضها البعض، الى جانب وجود تقاطعات في إقامة علاقات مع الدول الخارجية، علاوة على الأوضاع المعيشية التي باتت تضيق على المواطن يوماً تلو الآخر، حتى كفر الشارع بالحرية والتغيير وهو الذي كان داعماً وسنداً لها في معركتها مع المجلس العسكري ـ وقتها ـ ولكن تبين للشارع أن دعمهم للحرية والتغيير جلب لهم الأزمات.
مغادرة وتجميد
هذا التململ جعل أحزاب كبيرة تغادر التحالف وأخرى تجمد نشاطها فيه، بيد أنها أصبحت غير راغبة في الاستمرار في تحالف لم يحدث تغييراً يذكر في البلاد التي ودعت نظام البشير من أجل تحسين الأوضاع وليس تفاقمها اكثر من ما هي عليه كما فعلت “قحت”، وهي غير آبهة لردود أفعال الشارع الذي يخرج في التاسع عشر من ديسمبر الجاري في مواكب غاضبة ضد الحرية والتغيير وحكومتها التي فشلت في تحقيق تطلعات الشعب السوداني.
وبالعودة للأحزاب التي غادرت التحالف نجد ان الحزب الجمهوري كان اول المغادرين ولحق به حزب التحالف السوداني، والبعث السوداني، والحزب الشيوعي، الى جانب منظمات مجتمع مدني وأجسام مطلبية، فيما جمد حزب الامة القومي نشاطه في التحالف قبل ان يعود ويفك التجميد قبل فترة ليست بالطويلة، غير ان الحرية والتغيير نفسها جمدت نشاط تجمع المهنيين السودانيين قبل ان يغادر التحالف الى غير رجعة.
قحت والمهنيين
والشاهد ان تجمع المهنيين احد ابرز الاجسام التي قادت ثورة ديسمبر المجيدة، تحول من جسم مساند للحرية والتغيير الى معارض لها ولسياساتها، لجهة أن التجمع درج على اصدار بيانات ناقدة لمواقف التحالف الأخيرة، بل سبق وان اعلن التجمع عن مواكب للاطاحة بالحكومة من سدة الحكم، فيما عقد التجمع اتفاقات مع عدد من المكونات المختلفة مع قحت، على سبيل المثال نذكر منها الحركة الشعبية شمال جناح عبدالعزيز الحلو حيث غادرت عناصر من المهنيين الى عاصمة جنوب السودان جوبا وابرمت اتفاقا معه حول قضايا وجدت الرفض من قبل الحرية والتغيير.
قحت ولجان المقاومة
هذه الفجوة التي حدثت بين الحرية والتغيير وتجمع المهنيين أسهمت بصورة واضحة في اضعاف دور التحالف، وما زاد الامر سوءا الشرخ الذي حدث بين قحت ولجان المقاومة التي سبق وان أصدرت بيانات عديدة رافضة لمواقف الحرية والتغيير في كثير من المجالات، كان اخرها ممانعة التغيير في مشاركة لجان المقاومة في مجلس شركاء الحكم ـ بحسب مصدر من المجلس السيادي ـ هذه الخطوة زادت الهوة بين المقاومة والتغيير الامر الذي يعزز فرضية المطالبة باسقاطها في مواكب 19 ديسمبر المقبلة.
تغيير الحكومة
ختاماً.. الشاهد ان التداعيات التي صاحبت أداء تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير أعلاه، كان له القدح المعلى في فشل الحكومة التنفيذية وعجزها عن تحقيق الأهداف التي قامت من اجلها الثورة ، ما جعل البعض يستدل بالمقولة الشهيرة (يا حليل البشير) هذه العبارة التي توقع القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف ان يرددها الشعب بعد ان فشلت الحرية والتغيير في تحقيق تطلعاته والتي على رأسها الضائقة المعيشية التي أرقت الشعب كثيراً وجعلته غير راغباً في استمرار قحت وحكومتها مطالباً بتغييرها والأتيان بحكومة كفاءات غير مسيسة.
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10