المتاريس
بقلم : علاء الدين محمد ابكر
يحضرنى مثل سودانى يقول: “الخيل تجقلب والشكر لحماد”.. ومعناه أن الحصان فى سباقات الخيل يجرى وينضرب حتى ينقطع نفسه ونفس اللى خلفوه وعندما يفوز ببطولة السباق كل الناس تجرى وفلاشات التصوير واللقاءات التليفزيونية والتصفيق الحاد وربما الهتاف يكون للجوكى اللى كان راكب وممدد رجليه أما الحصان المسكين فربما لا يتعطف عليه أحد بقطعة سكر يبل بها ريقه اللى نشف من الجرى ومن الظلم. !!
في عهد نظام الكيزان كان عندما يضيق الحال الاقتصادي بالمواطنين ويصرخون بالشكوي مطالبين برحيل النظام .تكون حجة الكيزان دفاعاً عن حكومتهم هي بان الرئيس المخلوع عمر البشير شخص طيب ولكن تكمن المشكلة في الذين من حوله من المسؤلين وهي حجة باطلة لا تستند إلى حقائق فالاهتمام بالشعب وتفقد احوالهم واجب من واجبات الحاكم
وبعد سقوط نظام الانقاذ بخيره وشره رجعت نفس تلك الاسطوانة المشروخة بالدفاع عن تقاعس الحاكم عن الاهتمام بمعاش شعبه للعمل من جديد ولكن هذه المرة مع شخصية رئيس الوزراء عبد الله حمدوك فبعد مرور اكثر من عام علي تولي الرجل لمنصب رئيس الجهاز التنفيذي الاول بالدولة ارتفعت الاسعار بشكل مبالغ فيه وانفلت زمام السوق وصار كل تاجر يبيع علي حسب ما راق له وزاد الطين بلة قيام الحكومة برفع الدعم عن الوقود مما سبب موجة جديدة من ارتفاع الأسعار التي لم تتوقف عن الارتفاع فكل صباح يشهد السوق زيادة جديدة و السيد رئيس الوزراء يريد رفع يده عن اي دعم حكومي للمواطن الغلبان وهي ذاتها السياسة الاقتصادية التي كان ينوي الرئيس المخلوع البشير تطبيقها فلا يكفي كارثة تحرير الاسعار في منتصف تسعينات القرن الماضي حينما قام وزير المالية الاسبق عبد الرحيم حمدي بتحرير السوق ليكون البيع والشراء بالتراضي مما فتح باب للجشع لم تستطيع كل الحكومات المتعاقبة من السيطرة عليه
ان ظروف الشعب السوداني تقتضي استمرار الدعم فالشعب اساسا خرج احتجاجا على ارتفاع الأسعار وانعدام الخبز الذي لم تستطيع حكومة حمدوك ان تجد له حل فصفوف الخبز لا تزال منذ ثلاثة سنوات في ازدياد مع وقوع حوادث موسفة بين المواطنين نتجية للتدافع لنيل حصتهم من الخبز
كل تلك الاخفاقات في الوضع الاقتصادي تقابل بنفاق من البعض بترديد عبارة (شكرا ) لشخص السيد حمدوك وهي كلمة تحمل استفزاز لمشاعر الفقراء من ابناء الشعب الذين خرجوا لاجل واقع افضل
لم يراعي السيد حمدوك ظروف المواطنين الذين تضرروا جراء فترة الاغلاق الاولي لمنع انتشار فيروس كورونا حيث فقد العديد اعمالهم وربما ظن السيد حمدوك ان رفع رواتب القطاع الحكومي هو حل لمشاكل المجتمع السوداني فهناك العديد من المواطنين لا ينتمون إلى اي مهن ويعانون من البطالة والفقر والمرض منهم اصحاب الامراض المزمنة( الضغط والسكري) وذوي الاعاقة والارامل والايتام والكثير من الحالات الصعبة التي لو اطلع عليها السيد حمدوك لا سارع بتقديم استقالته بدون تردد كانت الناس تعشم في ثورة تعيد الحقوق المسلوبة للمواطن السوداني من مجانية التعليم والعلاج والسكن وضبط استقرار السوق بمنع الفوضي في التلاعب بقوت الشعب وتطوير الزراعة والاستفادة من موارد البلاد الغير مستغلة في رفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة مثل السياحة والصيد البحري والنهري وتشجيع المواطن علي خوض تجربة الزراعة الفئوية وذلك بتمليكهم اراضي زراعية ودعمهم بالتقاوي والبذور والتركيز علي استيراد الاليات الزراعية وفرض نظام ضريبي جديد لا يستثني أحدا خاصة فئة السماسرة والمطربين ولاعبي كرة القدم كان الشعب يحلم بسودان جديد ولكن السيد حمدوك ضاعف الحمل علي المهمشين والفقراء برفع الدعم عن الوقود الذي انعكس على معاشهم وحياتهم اليومية
ان سياسة حمدوك تعتمد علي البناء المستقبلي والشعب خاصة الفقراء في حوجة الي مشاريع اسعافية لانقاذهم من كابوس (الجوع) الذي بات يلوح في الأفق بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية
يجب الاعتراف بان ليس كل من خرجوا ضد البشير هم علي قلب رجل واحد فلقد كان لكل منهم هدفه الخاص فمنهم من يريدون اسقاط النظام لاجل ان تاتي حكومة جديدة توفر لهم العيش الكريم وهولاء هم الاغلبية والدليل علي ذلك انطلاق الثورة بالمظاهرات في مدن الاقاليم مثل مدينة الدمازين ومدينة عطبرة
واطراف العاصمة الخرطوم بسبب انعدام الخبز ومنهم من خرج وانضم للثورة بهدف نيل مناصب سياسية بعد سقوط النظام ومنهم من خرج و انضم للثورة من فئة القطط السمان الكيزان الذين قام المخلوع البشير بالقبض عليهم قبل سقوطه بفترة عام وهم جماعة من المحسوبين على التيار الإسلامي ولكنهم دخلوا في صراع علي المال مع نظام البشير مما جعل الاخير يحاول كسر شوكتهم
كانت ثمرة احداث ثورة ديسمبر سقوط شهداء من بينهم الشهيد احمد الخير عليه الرحمه المحسوب على الاسلاميين ولم يشفع له تقاربه الفكري معهم حيث قبض عليه وعذب حتي استشهد وقد حزن عليه كل الشعب السوداني واني علي تاكيد من ان هناك بعض الثوار من لا يعرفون ماهو اللون السياسي للشهيد احمد خير وهناك شهداء من اسر بسيطة خرجوا احتجاج علي الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها اهليهم وكذلك خرج بعض المستقرة اوضاعهم المادية حبا في خوض تجربة المغامرة وكذلك خرج بعض المجزوبين بسحر بيانات تجمع المهنين التي كانت تحمل الوعود للشعب انه في حال اسقاط النظام والتبشر بالحياة الكريمة من تمليك للسكن خاصة للذين عانوا من ارتفاع الايجارات وعدم الاستقرار و ايجاد فرص عمل جديدة للعاطلين
لقد كانت مقاومة نظام البشير تشتعل حتي علي صفحات التواصل الإجتماعي فكان جهاز امن البشير يرصد و يعتقل كل من يغرد او يكتب في تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر او فيسبوك ومن ينسي قيام السلطات السعودية بتسليم المغترب هاشم المشهور (ود قلبا) لسلطات البشير وايداعه السجن بسبب قيامه بمارسه حقه في التعبير وكشفه لعورات نظام البشير ود( قلبا) لم يحمل سلاح او يخوض حرب وانما فقط كان يستخدم تطبيق فيسبوك في ايصال صوته الي الشعب السوداني فكان ان قام امن البشير بمخاطبة نظيره السعودي والذي سارع بتوقيف هاشم ود (قلبا) وترحيله للسودان وقد تسبب ذلك الاجراء البربري في ضياع مستقبل الرجل وفقدانه للمهنة التي كان ياكل منها عيش في السعودية
وكذلك قيام السلطات المصرية بطلب من امن البشير بتسليم الناشط السياسي البوشي المقيم انذاك بمصر ومن ثم ترحيله إلى السودان وكذلك وبطلب من امن البشير قام الامن المصري بابعاد الراحل الامام الصادق المهدي من اراضيه واضافة الي محاولة تلفيق تهمة القتل لكادر حزب الموتمر السوداني الطالب عاصم عمر وهي تهمة تصل عقوبتها الي الاعدام ولگن اصرار الجماهير انذاك بالتدافع الي مقر المحاكمة وحضور الجلسات لتوفير السند الجماهيري لعاصم عمر اجبر سلطات الطاغية علي الافراج عنه وهناك العديد من الملاحم التي تستحق شكر اصحابها وتقديرها بدلا من السيد حمدوك الذي لم نشهد له موقف واحد ضد نظام البشير سوي رفضه لمنصب وزير المالية ولم نسمع له تسجيل صوتي او تغريدة او كتابة بوست ولو صغير داعم للثورة
اذا من يقولون شكراً حمدوك يعملون فقط على استفزاز مشاعر الجماهير التي اصيبت بخيبة الأمل من اداء حكومة الفترة الانتقالية التي لم تستغل الفرص وتعمل علي معرفة مشاكل الشعب الذي كان هو السبب في حصولهم علي تلك المناصب العليا بالدولة فالشعب له مطالب مشروعة ومعروفة وهي حق العيش الكريم وتعويضهم لسنوات الضياع الطويلة التي عاشوها في ظل نظام الكيزان
لا احد يحمل حقد شخصي نحو السيد رئيس الوزراء حمدوك ولكنه ظل يتجاهل هموم الناس بعدم التفاعل معهم بالمبادرة بوضع خطط اسعافية سريعة لمعالجة الأزمات الاقتصادية الصعبة التي تطحن المواطن فتلك.
الاحباطات جعلت الناس تتمني ذهاب هذه الحكومة اليوم قبل الغد فقد جعلت انصار النظام البائد يسخرون من الثورة والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لاجل واقع افضل للشعب السوداني
كان بالامكان قيام الحكومة بتبني العديد من المشاريع الاسعافية من بينها تمليك الاسر الفقيرة مساحة واحد فدان من الاراضي التي كانت في حوزت ازلام النظام السابق لتكون الكرة في ملعبهم بزراعتها والاكتفاء الذاتي منها بالمنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية بالاستفادة من المسطحات المائية في البحر الأحمر ونهر النيل كمشريع بسيطة اذا وجدت اهتمام من هذه الحكومة كان يمكن حينها ان ينال السيد حمدوك كلمة شكرا بكل جدارة
وحتي النجاح في احلال السلام فمن الظلم نسب جميع ذلك إلى السيد حمدوك وحده فهناك رجالات كان لهم دور في تقريب وجهات النظر مع قادة حركات الكفاح المسلح منهم الفريق اول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة والاستاذ محمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة والمرحوم الفريق اول جمال عمر وزير الدفاع الراحل الذي توفي خلال جولات التفاوض في عاصمة دولة جنوب السودان والتي هي ذاتها تستحق منا الشكر بجانب رئيسها الفريق اول سلفاكير ميارديت والتقدير علي رعاياهم و استضافة مفاوضات السلام في مدينة جوبا اضافة الي العديد من الجنود المجهولين الذين لعبوا دور كبير في انجاح عملية السلام فاختزال جهد كل هولاء في كلمة (شكرا ) لحمدوك فيه ظلم كبير وامتصاص لحقوق الناس في ظل ثورة كان من ضمن شعاراتها كلمة (العدالة) وحتي ازالة اسم السودان من قائمة. الدول الراعية للإرهاب كان نتيجة الي جهود التطبيع مع إسرائيل وقد ساعد في انجاح فك طلاسم ازالة اسم بلادنا من القائمة السوداء التي ادخلنا فيها النظام الضلالي. المقبور بسبب احتضان ورعاية عناصر اجرامية خارجة عن القانون في بلدانهم الأصلية ومطلوبين دوليا في قضايا ارهابية وقد لعب لقاء الفريق اول عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في يوغندا مطلع العام. 2020 دور كبير في كسر الجمود نحو السودان ورغم ذلك ياتي احدهم ويقول (شكراً ) حمدوك ان الاكثار من استخدام كلمة( شكرا ) قد تضر بحمدوك نفسه وتجلب له السخرية فصارت كلمة (شكرا) وسط الشباب تعني الموضوع الفاشل
وحال السودان اليوم يغني عن الوصف فقر مدقع وضغوطات نفسية واجتماعية واقتصادية علي المواطن في ظل حكومة لا علاقة لها بالثورة الا الاسم فقط
ترس اخير
خرج الشعب يوم 19 ديسمبر احتجاج على الوضع المعيشي الصعب فقامت الحكومة برفع الدعم بشكل كلي عن الوقود ومع اول ايام السنة الجديدة قامت حكومة الثورة برفع اسعار بيع الكهرباء بشكل خرافي وفي مقبل الايام القادمة سف تقدم حكومة حمدوك ميزانية جديدة للبلاد
لا نتوقع منها ان تكون رحيمة بالمواطنين
اذا الشعب السوداني خدع فتخلص من الكيزان ليجد نفسه مع من هم اسوء من منهم ليس لديهم ادني رحمة ولايحملون هم فقير او مسكين او يتيم او مريض واذا استمر هذا الضغط على المواطن بهذا الشكل سوف تنفجر الاوضاع وتعم الفوضي وينتشر السلب والنهب فالشعب فقد الثقة في هذه الحكومة والمعاناة بلغت الحلقوم
اللهم عليك بكل من يريد ان يهلك هذا الشعب