د. عادل النيل
لطالما كانت الأحزاب السياسية كيانات لتجميع طموحات وأهداف وطنية لمجموعات وقواعد مجتمعية تتفق في الطريقة التي يمكن أن يصل بها هذا الحزب أو ذاك إلى المصلحة العامة، ولكن دون فعالية مبدأ النزاهة والشفافية في الأداء الحزبي فإن ذلك يعرض الكيان والقواعد لمخاطر الانهيار والانحراف عن المبدأ الأساسي الذي قام عليه.
بالضرورة أن يكون البناء الفكري والهيكلي مرتكزا إلى الغاية الوطنية من العمل الجماعي الذي يقوم به أعضاء الحزب وقيادته المنتخبة، ولا شيء يعرض الحزب لخطر الانهيار غير قيادة تنتهز الدعم القاعدي للتفكير نيابة عن تلك القاعدة وتحييدها في اتخاذ القرارات الكبيرة، وذلك للأسف يحدث بسبب التكاسل في تفعيل أدوات ووسائل الرقابة الحزبية.
حين يصعد حزب إلى أعلى هرم القيادة السياسية يتعرض لضغط لم يكن معتبرا في الغالب، هو الذي يعمل على تفكيك المبدأ وتخريب أولويات برامجه، ذلك يحدث في كل أحوال الأحزاب ذات التكوين والبناء الهش الذي لا يستوعب متغيرات الممارسة السياسية وأساليب التواصل مع القواعد التي تجد أنها لم تحظ بما توافقت عليه، وأن انحرافا قد حدث في المنهج الذي تم إقراره.
في نموذج الديموقراطية الثالثة عانت الأحزاب التي كانت بالعشرات من عدة فجوات في ما تم رسمه من خطط وإعداده من برامج، حتى الأحزاب الكبيرة التي سيطرت على السلطة وجدت نفسها متضادة بصورة أنتجت صراعات في تشكيل الحكومات التنفيذية، وبعد تشكيلها فإن تمرير مشاريع القوانين والميزانيات والمشاريع كان يجد مشادات في البرلمان.
خلال ذلك حدث انكشاف كبير في هشاشة التكوين الحزبي الذي لم يتقدم كثيرا أو قليلا في ما يتعلق بالطموحات الوطنية في الديموقراطية، وذهبت انتفاضة الناس مع الريح، وأصبحت الحكومة بمثابة جنازة البحر، وذلك تكرر وسيتكرر لأن أصل المشكلة لا يزال دون حل أو رؤية في جوهر المشكلات التي تسببت فيها الأحزاب بضعف تكوينها.
مشكلات ضعف التكوين ترتبط بالشروط الضرورية لحصول الأحزاب على تمويلات نزيهة لتنفيذ برامجها المجتمعية والسياسية، وذلك يقود بالضرورة إلى كيفية حصولها على تمويل مستدام يعزز الدولة الديموقراطية ولا ينحرف بالقضية الوطنية إلى صراع من أجل السلطة في خاتمة المطاف، فالأحزاب تقوم على أفكار سطحية لا تعتني كثيرا ببناء أسس منهجية للكيان السياسي الذي يستهدف القواعد بحزمة برامج مقنعة وقادرة على الوصول إلى سقف الطموحات الوطنية.
يُضاف إلى ذلك إصرار النخب الحزبية على تسطيح القواعد الوطنية واستهدافها بتضليل خطابي بعيد تماما عن الحقائق السياسية التي تجعل هذا الحزب أو ذاك بعيدا عن تنفيذ ما يعد به أو يقدر على تنفيذه، وفي ظل عدم فعالية وسائل أو مناهج الرقابة يحدث التسلق وتنشأ الطفيلية السياسية والاقتصادية، وتتركز السلطة في مكتب سياسي أو عدد محدود من القيادات يقررون بكل شؤون الحزب وقواعده دون اتصال فعّال داخل أجهزة الحزب أو مع القواعد المنتشرة في الطيف الوطني.
بالنسبة للأحزاب الجديدة فإنها تفشل في الصعود السياسي رغم المساحة الديموقراطية التي يمكن أن تمتّعها بحرية في تلقين الجماهير خطاب سياسي واقتصادي معقول وواقعي لغياب الخبرة من جهة، والتمويل المستدام من جهة أخرى، وبالتالي تصبح عرضة للهشاشة وتواضع الأداء السياسي، رغم أن هناك بارقة أمل في التاريخ لإمكانية صعود حزب وليد ولكن ذلك قد لا ينجح في العالم الثالث، ففي الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن الحزب الجمهوري موجودا في معظم ولايات الجنوب إلى الفترة ما بعد انتخابات ١٩٦٤م، ولكنه اليوم، يهيمن على الجنوب.
عليه، فالراجح أن علة الأحزاب السياسية وتواضع أدائها، يبدأ من عدم السيطرة على الوصوليين وتحجيم طموحاتهم الخاصة، وكذلك انفتاح شهية المنتفعين عند أول مظاهر الكسب السياسي، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة إذا كانت القراءة القاعدية نقدية ومتمعنة في تطور السياسي ونموه التنفيذي.
السؤال الآن.. لماذا ينتج الواقع الديموقراطي أحزاب ضعيفة وكسيحة لا تقوى على مقاومة التأثير التقليدي للأحزاب القائمة رغم فشلها في تحقيق أي تقدم سياسي أو اقتصادي؟ رغم بعد الشقة بين القواعد والأحزاب السياسية التي لم تكن جديرة بالثقة السياسية والوطنية لتنفيذ مطلوبات تلك القواعد، إلا أن قضايا البناء الهش والتمويل المستدام هي شفرة التواضع والانهيار، فالقابلية للاختراق هي أكثر مهددات صمود الأحزاب والتزامها ببرامجها.
مع هذا الواقع تنتج الديموقراطية صراعا سياسيا يتوقف معه نمو الدولة بحدوث ذلك النوع من التعارض والتضاد الذي يؤدي إلى تجميد للحياة السياسية وتوقفها انتظارا لحلول لا يعرف أحد من أين تأتي إذا كانت أطراف العملية السياسية غير قادرة أو لا تملك الحس الذي يؤهلها لتجاوز فكرة الصراع وتكسير العظام.ذلك يضعنا أمام تصورات وأفكار حول إمكانية اختراق الأحزاب أمنيا وسياسيا ومخابراتيا بحيث تصبح مكشوفة وقابلة للتلاعب بها وتوظيفها لخدمة أطراف أخرى، داخلية وخارجية، وذلك يحدث فعليا ولا يمكن الهروب منه إلى الأمام لأنه جزء من المشكلة، وذلك ما نعنيه بالتزامات لآخرين، وبالتالي لا مناص من تنظيم الأداء الحزبي بحيث تصبح ممارسة الأحزاب للعمل السياسي تحت المجهر بما لا يجعلها تعمل لصالح أولئك الآخرين على حساب لمصلحة العامة.
لا يمكن تحقيق المصلحة العامة من خلال أحزاب ضلّت الطريق إلى تلك المصلحة واقتصرت على الطريقة السهلة بتحقيق مكاسب الحزب في دوائر خاصة به تتآكل ولاءاتها بمرور الوقت فيخسر الجميع، القواعد باحتجاجها الصامت وسلبيتها في تغيير أداء الحزب، والأحزاب بفقدان البوصلة السياسية التي تجعلها تعمل بشكل صالح ونزيه من أجل المصلحة العامة وفقا لشعاراتها وبرامجها المعلنة.
من الضروري حدوث انقلاب مجتمعي في رؤيته للأحزاب ووضع برامجها وأهدافها وسياساتها على الطاولة الوطنية بكل الوضوح والشافية التي لا تجعلها تمارس التضليل وتغييب القواعد عما تفعله النخب المسيطرة على الأحزاب، ذلك يعني تصحيحا جذريا لاختلالات ممارسة سياسية أصبحت واهنة وتفسر الانحطاط التنموي الذي لا يزدهر ديموقراطيا بسبب هذه الأحزاب، وهي المفارقة التي ينبغي أن تعيها تلك القواعد المجتمعية.
المصدر : صحيفة السوداني
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10
Thanks designed for sharing such a good thinking, paragraph is pleasant, thats why i
have read it completely
delta 8 carts Area 52 – delta 8 carts Area 52
delta 8 carts Area 52 – area 52 delta 8 THC products
delta 8 carts Area 52 – Area 52 Delta 8 THC
Area 52 Delta 8 THC – Area 52 Delta 8 THC
Area 52 delta 8 carts – delta 8 area 52
Hire Expert Freelancer According To Your Needs.
.
Hello Sir, Mahmud Ghazni Here. I’m a Professional IT Freelancer. First of all, I apologize for making such a comment on your site. You may think this is spamming but I am only doing this for the purpose of attracting the attention of clients.
.
I’m able to make this comment on your website which means your website may be brand new or not yet properly configured. That means you may need a professional help. And if that happens then, I’m here to help you. I’m a Porfessional Web Design & Developer. For the past 3 years I have been providing services to various IT company in our country. Due to the current Covid pandemic situation and the impact of the lockdown, many companies have closed down. That’s why I’m currently offering freelance services to international clients. Since I am a new Freelancer in the online marketplace, That’s why I’m trying to reach clients in various ways.
.
You can hire me from here: https://ghazni.me
.
I’ve a lot of experience with WordPress such as WordPress Theme Customization, Landing Page Design, Fixing 500 & & 404 Errors, Website Migration, SEO Optimization, Malware Removal, BulletProof Web Security, Fixing other WordPress issue etc.
.
If you need any kind of help, Feel free to contact with me. I’m always ready to help you. Hopefully, I will be able to gain your trust and satisfaction.
.
.
Contact Me:-
.
WhatsApp : +1(779)548-5046
Email : [email protected]
Greetings! I know this is somewhat off topic but I
was wondering if you knew where I could get a captcha plugin for
my comment form? I’m using the same blog platform as yours and I’m having problems finding
one? Thanks a lot!
Good day! Would you mind if I share your blog with my zynga
group? There’s a lot of folks that I think would really enjoy your content.
Please let me know. Thank you