الخرطوم : اليسع أحمد
قبل أيام، أصدرت الحكومة قراراً بتعويم الجنيه، وشدَّدت في حيثياته أنها بذلك تهدف إلى تحقيق جُملة من المكاسب أهمها وقف التدهور المُريع الذي (ضرب) العُملة المحلية، من عدة جهات؛ أخطرها السوق السوداء التي استحوذت تماماً على تحويلات المغتربين..
الآن وبعد السعر (التشجيعي) الذي حدَّدته الحكومة والبالغ (375) جنيهاً للدولار الأمريكي الواحد، هل تنساب تلكم التحويلات عبر النظام المصرفي لكيما تسهم في إخراج (جنيهنا) من (غُرفة الإنعاش) التي طال (راقده) بها؟؟!!
السطور التالية (نُحقِّقُ) من خلالها في الموضوع بكل زواياه.
الدخول مُجبراً
(لا أُرحِّبُ مُطلقاً بالسوق السوداء وقد تعاملت معها مُجبراً…)، بهذه الكلمات، بدأ “عبد الله” – مغترب بإحدى دول الخليج- حديثه لـ(السوداني)، مؤكداً أنه ظُلم في عدة تعاملات مع البنوك الوطنية في العهد البائد إبان نظام الإخوان المسلمين، ونوه إلى أن البنوك حينها تسلمهم بالعملة السودانية بسعر متدن جداً لا يتناسب مع الأسعار في السودان بحيث كان من سابع المستحيلات ان تستلمنا مبالغنا بالدولار من البنوك اذا بالرغم فتحنا حسابات دولارية حسب اشتراطاتها وسلمتني مجبرا بالعملة المحلية وبسعر غير مجز.. الأمر الذي أدى إلى اكتفائي من التجربة وتوقفي من تحويلات البنوك إلى يومنا هذا.
تصريح خطير جداً
ويمضي “عبد الله” بحديثه أن أحد مدراء الإذاعة والتليفزيون ظل يسطو على تحويلات المغتربين عبر البنوك ب (جباية اجبارية) وهي حوالي 150 دولاراً عن كل تحويل للمغترب باسم (دعم التعليم والإعلام) وكان الجزء الخاص بالاعلام يذهب له لأنه كان مديراً للتلفزيون واستفاد من المبالغ لصالح حسابه الشخصي بعدها تم تغيير المُسمىّ الى (دعم الخدمات) بعد إقالته من التليفزيون لتظهر حقيقة التعليم والاعلام في اسوأ حالتهما مما يدل على أنه لم يصرف عليهما دولاراً واحداً من الجباية التي مزّقت الثقة بين المغترب ووطنه إضافة للدمغات الدولارية المتعددة ودمغة الجريح التي كان يسرقها الإسلاميون وقد شهدنا جرحى الجيش من الجنود يغلقون كوبري امدرمان بسبب اهمال علاجهم في السلاح الطبي فترة تحويلاتهم الإدارية
وأكد من تجاربه الناجحة هي تعامله لعدة سنوات مع صرافة إماراتية هي (عمان والامارات للصرافة) وكانت تسلِّم ابنه المبلغ في السودان بالجنيه السوداني بسعر أفضل من البنوك وأقل قليلاً جداً من السوق الاسود وبصورة قانونية وقد توقف السودانيون عن تجار العملة في عمان بسبب مصداقية وسرعة الصرافة بعد تجربة التعامل مع تلك الصرافة وقد توقفت هذه الصرافة في سنوات الانقاذ الاخيرة بعدها فضلت التعاون مع بعض الاصدقاء الذين يحتاجون لمبالغ في اوربا لاغراض مختلفة فارسل لهم التحويلات فيقوم اهلهم في السودان بتسليم اسرتي المبالغ بالسوداني
ونصح عبدالله إخوانه المغتربين بتحويل اموالهم عن طريق البنوك في هذه الفترة لانتشال اقتصاد البلاد من الهوة التي يقبع بها شرطاً أن يظلوا يطالبون بحقوقهم المتعلقة باعفاء سياراتهم من الجمارك عند العودة النهائية وقطع أراض سكنية زراعية ومشاريع استثمارية تحفز على الاستقرار بالبلاد.
لبَّى نداء الوطن
من ناحيته قال أحمد الوليد – مغترب بالمملكة العربية السعودية – لـ (السوداني) انه استجاب لنداء الوطن وقام بتحويل مدخراته عبر البنك منذ سماعه بقرار وزارة المالية، وتعهد الوليد بمواصلته في التحاويل عبر الجهاز المصرفي حتى نهاية فترة عمله بالخليج واستقراره بالبلاد
ونوه إلى أن السودانيين المقيمين معه بالمملكة تفاعلوا مع القرار وقاموا بتحاويل مبالغ مقدرة عبر البنوك وفعلوا هاشتاق على وسائل التواصل الاجتماعي (حول قروشك بالبنك) وأن كل مغترب ينشر صورة من إيصال التحويل ليحث أخيه على مساندة التجربة، ونوه إلى أن النظام السابق تسبب في ميلاد السوق الموازي عبر سياساته الخاطئة مما أسفر عن عقوق المولود وخروجه عن طوعه الأمر لينعكس على النظام المصرفي وقوت المواطن
وناشد أحمد جميع المغتربين بضخ مدخراتهم عبر البنوك للقضاء على السوق الموازي الذي أثر على المغترب نفسه بحيث ارتفعت قيمة القطع السكنية والسيارات إلى أرقام فلكية لا يستطيع المغترب مجاراتها رُغم ابتعاده عن الجهاز المصرفي وهرولته نحو الموازي لتغطيتها ليصبح في دوامة كد مغترباً عن وطنه دون الوصول إليها، وأشار إلى أن سعر التحويل عبر البنك الآن أعلى من السوق الموازي بحيث أن سعر الريال 103 جنيهات وأن عمولة البنك 20 ريالاً فقط بحيث تتم عملية التسليم في السودان عبر الكاونتر للمستلم فقط ببطاقته الشخصية ولم تتطلب فتح حساب ببنوك السودان
وقال أن التجربة نجاحها يعني نجاح اقتصاد الدولة لذلك لابد من للحكومة من مشاريع تحفيزية للمغتربين لضمان استمراريتهم واستقطاب شامل لكل المبالغ ودخولها للنظام المصرفي.
جهاز المغتربين يُبشِّر
الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج مكين حامد تيراب يكشف لـ (السوداني) عن إجازة جملة من المحفزات لاستقطاب تحويلات المغتربين والمهاجرين عبر البنوك التي تقدر سنوياً بـ (6) مليارات دولار وإعداد دراسة شاملة تحتوي على مشاريع آمنة ومثمرة، وأكد تيراب أن هذه الدراسة تشمل ثلاثة محاور أساسية للمغترب قبل الهجرة، وأثناء الهجرة، وبعد الهجرة لضمان حقوقه القانونية أثناء عمله بالخارج وعند استقراره بوطنه، وكشف أن المشاريع المحفزة كتيرة وتم استصحاب بعض من تجارب الدول كالضمان الاجتماعي(المعاش)، حوافز الاستثناء للسيارات، واراضي سكنية وزراعية وغيرها.
سياسات جاذبة
وقال تيراب إن الأسبوع الماضي أثبت لهم علو الهمة والحس بالوطنية من خلال التفاعل الكبير للمغتربين بتحويل أموالهم عبر البنوك الأمر الذي أدى إلى قيامهم بوضع سياسات جاذبة ومحفزة لضمان استمرارية تدفقات الأموال عبر الجهاز المصرفي، ونوه إلى استفادتهم من السياسات والتجارب السابقة ومعالجة التشوهات والاخفاقات التي صاحبتها منذ 1979م، وأكد سعيهم الحثيث لعودة الثقة المفقودة وخلق آلية متماسكة من الكفاءات للنهضة باقتصاد البلاد.
معالجات جريئة
الخبير المصرفي د. عثمان التوم أوضح ل (السوداني) أن قرار تعويم العملة يحتاج إلى استمرار واستدامة من قبل الدولة بحيث يجاري البنك المركزي الزيادة التي تحدث في أسعار العملات الاجنبية حتى لا يفقد تحويلات المغتربين عبر البنوك وهروبهم للسوق الموازي، وطالب التوم المغتربين بصمودهم وعدم استسلامهم لاغراءات تجار السوق الموازي من أجل نهضة بلادهم، ونوه إلى أن سبب فشل سياسات التعويم السابقة هو توقف الدولة في سعرها الأول للتعويم وعدم مواكبتها لأسعار السوق الموازي مما أفقدها السيطرة في استقطاب أموال المغتربين للجهاز المصرفي
وقال إن أكبر مهدد للتجربة الآن هو شُح المعروض من النقد الأجنبي
وطالب الدولة بترشيد استهلاكاتها من الواردات واغلاق منافذها لإيقاف عمليات التهريب للصادرات لردم هوة المضاربات في العملات، ورهن نجاح التجربة باتخاذ الحكومة إجراءات جريئة وحملات مكثفة في حق تجار العملة ومساءلة المستوردين في الموانئ عن كيفية حصولهم عن النقد الأجنبي لاستيراد بضائعهم على أن تلزمهم بضرورة طلب أموال الاستيراد من النظام المصرفي.
يجب مُراعاة الآتي (……..)
وبحسب الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، فإنَّ تحويلات المغتربين عبر البنوك تحتاج لعدد من الحوافز عبر خطة وسياسات واضحة لبناء جسر الثقة المفقود إبان الحكومات المتعاقبة
ويُشدِّد الناير في حديثه لـ(السوداني) أن مشكلة كل الأنظمة الحاكمة تكمُن في اعتقادها أن تسويتها لسعر الدولار في السوق الموازي بسعر البنك يشجع المغتربين على التحويل في حين أن التجارب السابقة أثبتت عكس ذلك
ونوه إلى أن المغترب يحتاج لحوافز مغرية حفظاً لحقه في التحويلات لضمان نجاح المبادرة وانسياب تحويلاته ودخولها نظام المدفوعات لتساعد في تغطية الموازين الداخلية كالميزان التجاري الذي تتراوح نسبة عجزه السنوي ما بين(4 – 5) مليارات دولار
وأكد الناير أن الدولة في أمسَّ الحاجة للتحويلات نسبة لعدم علمهم بحجم الاحتياطي من النقد الأجنبي الذي تملكه الدولة وماهي الأموال التي وصلت لذلك لابد من تسهيلات للمغتربين تحفظ اقتصاد البلاد،وكشف أن تحويلات المغتربين السنوية تتراوح ما بين(6 إلى 8) مليارات دولار
وعن تفاعل المغتربين مع المبادرة قال إن المبالغ المحولة عبر النظام المصرفي حتى مدى قريب جداً حوالي (150) مليون دولار فقط، ووصف المبلغ (بالضعيف جداً) قياسا بحجم أموالهم
ودعا لاستقطاب مدخراتهم عبر مشاريع استثمارية ناجحة وتقديم وحدات سكنية في شكل أبراج تطرح عبر شركات قطاع خاص سودانية أو بتمويل بنكي للمغتربين وتسدد بالنقد الأجنبي عبر أقساط مريحة حسب المبلغ مما يسهم في تمليك سكن لأبنائه بدلاً عن دفع مبالغ عالية في ايجار سكن أبنائه.
المصدر : السوداني
إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 18 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 19 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 20 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 21 22إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 23 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 24 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 25 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 26 إضغط هنا للإنضمام لقروب الواتس 10